ساعات العمل في القطاع الحكومي هي من السابعة والنصف صباحاً حتى الثانية والنصف بعد الظهر. لكن بعض موظفي الأجهزة الحكومية التي تقدم خدمات مباشرة للجمهور لا يحضرون في الوقت المحدد. المراجعون يحضرون قبلهم, ينتظرون فوق الأرصفة, يتعارفون ويفتحون الحوارات لمقاومة ملل الانتظار, وأحياناً يتفقون على تنظيم أنفسهم حتى لا يكون آخر الواصلين هو السبّاق إلى مقدم الخدمة.
هناك من ينتقد ارتباط الموظف بدوام محدد¡ ويطالب بالدوام المرن. هذا مطلب لا يتناسب مع كل الأعمال. هناك أعمال يناسبها الدوام المرن مثل الأعمال البحثية وإعداد الخطط والتقارير, والأعمال غير المرتبطة بالمراجعين بشكل عام.
أحد أسباب التأخر في الحضور للعمل هو أن المدير (القدوة) يحضر متأخراً¡ وكأن تأخر المدير هو أحد فقرات الوصف الوظيفي للمدير. وأكثر من ذلك يعتقد من ينتمي إلى هذه الفئة من المديرين أن الحضور المبكر يضعف مكانة المدير وهيبته.!
دراسات كثيرة تثبت تأثير الاستيقاظ المبكر إيجابياً على نفسية الإنسان وتركيزه وإنجازاته حتى أن العمل ساعة واحدة في الصباح يعادل العمل أربع ساعات في بقية اليوم حسب تلك الدراسات. هذا الجو الصباحي المنتج للطاقة والتركيز والإنجاز لا يتحقق بدون تنظيم الوقت والتعود على النوم المبكر.
المشكلة التي يعاني منها بعض الموظفين في المستويات الوظيفية المختلفة هي السهر والعشاء المتأخر¡ وهذه عادة ضارة بالصحة وينتج عنها أرق في الليل وقلق في الصباح¡ وتوتر مع بداية العمل يؤثّر على التركيز ويتسبب بحدوث الأخطاء¡ والعلاقة غير الجيدة مع مدير منضبط وزملاء عمل يتصفون بالانضباط وتحمل المسؤولية¡ والقيام بأعمال قد تكون من مسؤوليات الموظفين المتأخرين. النوم الكافي هو أحد الوسائل الفعالة للتعامل مع ضغوط العمل.
في الجانب الآخر لا ننسى دور الإدارة في جعل بيئة العمل بيئة جاذبة تحفز الموظف ليس للحضور المبكر فقط بل عدم الرغبة في مغادرة مقر العمل¡ كما هو الحال في بيئة عمل (جوجل) المثالية في التحفيز مما جعلها تتصدر أفضل مائة شركة في هذا المجال. بالمناسبة ساعات العمل في هذه المنظمة مرنة¡ والمعيار في تقييم الأداء هو النتائج وليس الحضور والانصراف¡ لأن طبيعة عملها يناسبها هذا التنظيم.
أعتقد أن طبيعة عمل بعض الأجهزة الحكومية عندنا مثل وزارة التخطيط ووزارة الثقافة وغيرها تجعلها قابلة لتطبيق نظام الدوام المرن. وليت وزارة الخدمة المدنية تدرس هذا الموضوع والأجهزة التي يناسبها هذا الأسلوب, وتنظر لإيجابياته وسلبياته.
ومن المهم أن نتذكر سواء طبقنا الساعات المحددة أو الدوام المرن أن الرقابة الذاتية هي الشرط الأهم للالتزام ليس بساعات العمل فحسب بل بالحرص على جودة الأداء, والتطوير والقيام بالمسؤوليات بأمانة وإخلاص لتحقيق الأهداف العامة.




http://www.alriyadh.com/1714781]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]