«ما أن يستلقي على الأريكة حتى يمتطي قوس قزح ويطلق العنان لحكاياته عن جبال مسحورة¡ وأرواح تصفر في الليل وأضواء تصنع بيوتاً في الضباب وعرائس بحر يداعبن جيتارات على ضفاف النهر»
( أ - غ)

***
في تنويعات الكاتب غاليانو ما يشبه القدرة على العزف على أي نوع من الآلات الموسيقية¡ فهو في تنقله من الخاطرة العابرة إلى الحكمة مروراً بالخاطرة الشاعرية والفنتازيا ومن ثم وصوله مضمّناً آراءه السياسية المتوافقة والمختلفة مع نفسه ومع الغير حيث يفرض واقعه وحالته النفسية وقت إمساك القلم ليكتب الموضوع والفكرة التي يطرحها بوضوح دون مواربة¡ فهو بين الجد والسخرية ينتقل بسهولة يدركها المتابع المتأني الذي يستمر معه في تموجاته الكتابية التي تثور وتهدأ حسب الأجواء الذاتية التي تتلبسه في حالة التجلي والإبداع¡ فمن القصة إلى المقالة وحتى الحكاية المنقولة عن صغير أو شيخ كبير يؤطرها بنكهته ويرويها وكأنها جديدة حتى على صاحبها الذي استقاها منه.
في معجم الألوانº وهو عنوان لخاطرة مموضعة كما فلسفة في تفسير خاص لمعاني الألوان تظهر فيها ما يتماثل مع محاولة اللعب بالكلمات دون إخلال بالمعنى المراد: «حسب من تبقى على قيد الحياة من الهنود - الحمر - في ضفاف نهر بارغواي فإن التزين بالريش يمنح ألواناً وسلطات¡ فريش الببغاء الأخضر لا يمنح جسم من يضعه السيادة فحسب¡ وإنما يبعث الحياة كذلك في النباتات المحتضرة¡ ولولا الريش الوردي لطائر يدعى إسباتولا¡ لما طرحت شجيرة التونا ثمراً¡ وريش البط الأسود مفيد ضد تعكر المزاج¡ ببغاء الغاكامايو يقدم ريشاً أحمر لاستقبال المطر¡ وريشاً أصفر لاجتذاب الأخبار الطيبة¡ وريش النعام الرمادي يبدو شديد الكآبة يمنح الغناء البشري بريقاً».
بهذه الاستنتاجات المستمدة من إملاءات المزاج والتي تغولت فيها الذات لتنحت بدوران حلزوني يخترق الأخيلة تمكن من تسجيل موضوع قد يعتبر ليس مهماً ولكن لمن خبر العادات والتقاليد لدى الهنود الحمر وعايش بعض أحوالهم أو عرف عن اعتقاداتهم وطقوسهم سيرى في الموضوع ما يفيد ويكشف عن مخفي ليس بقصد ولكن لعدم الاهتمام به لمعرفة ما تعنيه الاختلافات في ألوان الريش الذي تميز كعلامة فارقة في حياة الهنود¡ وهو في ذلك يعطي نوعاً من قدراته على الاهتمام بالمهمش والمنسى ليقول كلمة اصطادها في حالة تجلٍ طالما تفاجئه أمثالها وهو يعوم في بحر تأملاته فما يكون منه إلا أن يختصر مكثفاً في سطور حالة قد تحتاج إلى بحث أو رواية كاملة ذات صفحات عديدة.




http://www.alriyadh.com/1720372]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]