في ظل استمرار الاحتجاجات الفرنسية المشتعلة حتى اللحظة¡ التي لم تشهد لها فرنسا مثيلاً منذ نصف قرن حيث شهدت باريس ذات الاحتجاجات الشعبية¡ يبرز السؤال الأهم أمام الحكومات بصرف النظر عن ماهية مطالبات تلك الاحتجاجات¡ ما الدافع من ورائها¿!
كل الثورات الشعبية التي شهدتها البشرية¡ سواء كانت الثورة الفرنسية أو الألمانية أو إشعال فتيل بعض ثورات دول الربيع العربي - زعماً - لم تكن استجابةً لدعوة¡ بل كانت نتيجة غليان اجتماعي غامض¡ ماء تلك الثورات كان يغلي على نيران من الضرورات الاجتماعية¡ قد تكون تلك الضرورات فكرية أو اجتماعية أو ثقافية¡ ولكن النار الأشد اشتعالاً هي "نار الاقتصاد" فهي المحرك الرئيس لتلك الثورات¡ وجلّ تلك الثورات بدأت تزحف لا من الكنائس أو المساجد بل من الأفران¡ والأفواه الساخطة هي أفواه جائعة.
وفِي قراءة لأهم الدروس المستفادة فيما جرى إبان اندلاع أولى شرارات ثورات دول الربيع العربي المزعوم¡ أن**الهزة التي خرجت من تونس ممتدةً إلى مصر لم تكن منفصلةً عن بعضها¡ كلها أتت بعد "ثورة تقنية" متعدد الفروع¡ من تسريبات "ويكيليكس" إلى مجتمع "تويتر¡ فيسبوك¡ يوتيوب" فالثورات في السابق كانت تحركها الأفكار والأيديولوجيات¡ وهي اليوم تتحرك عبر محيطات التقنية¡ قوارب الثائرين ذبذبات الإنترنت الساحرة¡ كل إنسان يحمل بيده "جوالاً" هو قناة فضائية متنقلة¡ الصور التي تحملها أجهزة الجماهير المحمولة صارت هي مصدر القنوات الفضائية بعد أن كانت الفضائيات هي مصدر الجماهير.
غوستاف لوبون في كتابه: "سيكيولوجية الجماهير" يقول: "إن المؤسسات تؤثر على روح الجماهير لأنها تولد انتفاضات"¡ لكن المؤسسات لم تحرك المجتمعات¡ وإنما الذي حركها هي"الإنترنت" بكل فروعها¡ وبكل صراعاتها المتجددة. استطاعت أن تلغي الحدود والمسافات وأن تنطلق بالشعوب¡ ليكون التحرك في العالم الواقعي نتيجة للتحرك في الواقع الافتراضي وليس العكس¡ وتلك أحد ملامح التحولات الإعلامية الكونية والعالمية.
http://www.alriyadh.com/1724620]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]