الموضوع: يوميات أم حديجانفي ليالي رمضان

كل عام وأنتم بخير. بلغنا رمضان هذا العام بنفس الحمولة التي نجرها معنا في كل رمضان مضى¡ لا نضيف عليها سوى التقنيات التي يضيفها الغرب على حياتنا¡ كانت البداية التي أعرفها رادو يقدم فيه الفنان الشعبي عبدالعزيز الهزاع عمله الكوميدي الشهير يوميات أم حديجان في ليالي رمضان وعلى شاشة التلفزيون كان الشيخ الطنطاوي يطل بعد الإفطار بلحيته البيضاء وبروحه المرحة. أما سهرات التلفزيون فلا أحد ينسى التمامي ومسرح التلفزيوني وفرج الله وحسن دردير وبرنامج الأطفال والمسابقات. أما طعام الإفطار فلم يتغير¡ نفس الأكلات ما زالت حاضرة وبنفس القوة حتى مغرب هذا اليوم¡ التطور الوحيد الذي جرى لها أن انتقلت من يد المدام السعودية إلى يد الشغالة الأندونيسية. السمبوسة واللقيمات والشوربة أبو عسكري والمحلبية و(الماصية!¿) وقبل كل هذا التمر مع القهوة. مضت السنون والغرب يجتهد في تطوير صناعاته واختراعاته وأفكاره فزاد علينا في التسعينات من القرن الماضي عدد كبير من القنوات الفضائية نقلتنا من قناتين نائيتين إلى فضاء يصخب باللواقط الفضائية فتوسعنا وأصبحنا نشاهد مصر والكويت والإمارات ولبنان وهونغ كونغ إذا شئت.
في الفترة بين هذين الحياتين ثمة مسافة زمنية طويلة حرنا فيها لأن الغرب تأخر في اختراع اختراعاته: النت والجوال لكننا والحق يقال مضينا قدماً ننتج نفس الأكل ونفس النصائح التي سمعناها من الطنطاوي وأبن مسند. النصائح الدينية والنصائح الصحية والنصائح الاجتماعية. نلتف جالسين القرفصاء على سماط طوله ثلاثة أمتار مليء بكل أنواع المأكولات من شوربة وحلى ومعجنات وكبسة وفول وعصيرات وفي ذات الوقت معظم سواليفنا في ذم التبذير ولمز القنوات الفضائية والمسلسلات. ثم نخرج إلى المسجد لننصت لنفس النصائح ونحن نخلل بالعود أسناناً لتنظيفها من حشوات اللحم والدجاج. الكل يدين التبذير والكل يعيشه بسعادة غامرة. يكاد المرء يقول إن هذه النصائح ليست نصائح وإنما جزء من برامج رمضان التي نستمتع بها.
نحن في المملكة لم نخترع التبذير الرمضاني ولم نخترع النصائح المصاحبة له. يحسب لنا أن أضفنا على التبذير المستورد من مصر وسورية وغيرها تبذيراً نفطياً زاد في مساحة السفرة فأسهمنا بكمية معتبرة من النصائح عن التبذير.
لو أزلنا كل الإضافات التي أدخلها الغرب على حياتنا لما وجدنا شيئاً من إنتاجنا طوال خمسين سنة سوى يوميات أم حديجان في ليالي رمضان.




http://www.alriyadh.com/1754300]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]