لم تعرف فرنسا ولا إيطاليا ولا مصر واليونان ولبنان وغيرها, بثرواتها البترولية والصناعية والسياحية, ولكنها عرفت, ربما في المقام الأول, بفنونها في النحت والرسم والموسيقى والسينما والمسرح والأوبرا, وبمتاحفها, وعمارتها, ومكتشفاتها الأثريةº فأصبح عندها إعلام في كافة الفنون, مثل مايكل أنجلو, وبفاروتي, وبيتهوفن, وبيكاسو, وسلفادور دالي, وباخ, ودانتي, ويوسف شاهين, وعادل إمام, ونجيب الريحاني, وأم كلثوم, ومحمد عبدالوهاب, وإسماعيل ياسين, وفيروز, وصباح, وجبران خليل جبران. ونحن عندنا تاريخ عريق, وثروة أثرية, لم تكتشف في عديد من مدننا, وهي بمثابة متاحف في الهواء الطلق, في العلا ومدائن صالح والأحساء والطائف, تنتظر من يكتشفها ويرعاها, من خلال تكثيف البحث والتنقيب, وافتتاح المزيد من المتاحف المتخصصة. وفتح الباب واسعاً أمام الوفود السياحية. وعندنا فنانون, نعدهم من العلامات, في عديد من الفنون, مثل طلال مداح, ومحمد عبده, وناصر القصبي, وعبدالحليم رضوي, ومحمد السليم, وعبدالله المحيسن, وهيفاء منصور, وطارق عبدالحكيم, وعتاب. لكننا لكي نكون مستقبلين ومصدرين للفنون أو القوة الناعمة, فإننا نحتاج إلى المعاهد والكليات, التي تدرّس وتأهل الموهوبين والراغبين, حتى نأخذ مكاننا, خصوصاً أن بلادنا تزخر بتنوع كبير في العادات والتقاليد والفنون والطقس. إن الذي يتابع الحركة الفنية في المملكة, خصوصاً المسرح والسينما والمسلسلات التلفزيونية, سوف لن يجد أمامه إلا أعمالاً قليلة تستحق الذكر, لسبب مهم, نمر عليه دائماً مروراً سريعاً, من دون أن نعطيه حقه من الدرس, هذا السبب هو التأهيل العلمي, فلا توجد لدينا معاهد أو كليات, تقدم الدعم والمساندة للموهوبين, بل إننا نتحرج من الاستعانة بأهل الخبرة, من الأكادميين والمخرجين والممثلين من الخارج ,عرباً كانوا أم غير عرب, لتأهيل الموجودين لدينا, ممن نتوسم فيهم الموهبة, حتى لو كانوا لا يحملون شهادة دراسية, تعطيهم الحق في الانخراط في الدراسة, في المعاهد أو الكليات المتخصصة, في دراسة الفنون المسرحية والسينمائية والإذاعية, موهبة فطرية بدون دراسة تظل ناقصة. لقد بدأت الحركة الفنية لدينا, كما هو حالها في عديد من الدول, من خلال المجتهدين, الذين لم يتلقوا دراسة منتظمة ومتخصصة, ربما ساعدت في فتح أفق الإجادة والمنافسة أمامهم, في مجالات نعرف أن الدخول إليها يظل ناقصاً, مهما كانت درجة الموهبة, دون تأهيل ودراسة وتدريب, حتى الدول المجاورة لنا أدركت مبكراً هذا النقص, فاستعانت بالمتخصصين, الذين اخضعوا العاملين في المجال الفني لدورات, من شأنها صقل مهاراتهم, وبعد ذلك عمدت إلى إنشاء معاهد متخصصة, خرجت وما زالت العشرات من المتخصصين في كافة الفنون, وهو ما يجعلنا نعيد طرح هذا الموضوع, الذي من الممكن تنفيذه من خلال استحداث كليات أو معاهد عليا لتدريس الفنون بكافة فروعها, وعلى رأسها السينما والمسرح والموسيقى والفنون التشكيلية, ومن الممكن أن تستعين هذه المعاهد أو الكليات, بالمخرجين والفنانين, الذين كانت لهم بصمة خاصة, في مجال إبداعهم, في المملكة وفي الخارج.
http://www.alriyadh.com/1769388]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]