يستحق النظام المقترح لمكافحة التمييز وبث الكراهية أن يبرز في الصفحة الأولى من جريدة "الرياض" يوم السبت 24 ذو القعدة 1440.
هذا النظام مقترح من أعضاء في مجلس الشورى¡ ولا يزال تحت الدراسة.
بعد قراءة تقرير "الرياض" من إعداد المتابع الجيد الزميل عبدالسلام البلوي¡ وجدت أن هذا النظام يتسم بالشمولية¡ فهو يجرم كما ورد في التقرير كل من يبخس حقوق الآخرين أفراداً أو جماعات حقوقهم المكتسبة شرعاً أو نظاماً بسبب الانتماءات الطائفية أو المذهب والدين واللون والجنس والنسب أو القبيلة والجنسية والمنطقة التي ينتمون إليها أو المدينة أو البلدة¡ والمهنة أو الحرفة¡ وكذلك الفئة الاجتماعية التي ينتمون إليها أو حتى الانتماء الفكري أو تبني وجهة نظر مختلفة.
ولكي تكتمل النظرة الشمولية¡ يتطرق النظام إلى ممارسات أخرى مثل ازدراء الأديان¡ وتخريب أو تدنيس أماكن الشعائر الدينية¡ والتعدي على المقابر¡ والإساءة إلى المقدسات أو النيل من الرموز التاريخية المشكلة للهوية.
الذين لم يؤيدوا هذا النظام المقترح يرون أن الأفعال التي يجرمها النظام جاء النص على تجريمها صراحة في الكتاب والسنة¡ والنظام الأساسي للحكم¡ وعدد من الأنظمة والاتفاقيات التي انضمت إليها المملكة.
رأي غير المؤيدين صحيح من حيث أن تجريم التمييز موجود في الكتاب والسنة¡ وهذا في رأينا يؤكد ضرورة وجود أنظمة تفصيلية أساسها الكتاب والسنة¡ وليس العكس.
القوانين السعودية مستمدة من الشريعة الإسلامية.
الحجة الأخرى التي يستند إليها غير المؤيدين للنظام هي أن المشروع المقترح لم يبن على توثيق بحثي إحصائي يؤكد أن التمييز أو الكراهية أصبحت ظاهرة في المجتمع.
هذه الحجة -وهي أيضا ليست مبنية على إحصائية- لا تبرر عدم الحاجة إلى أنظمة من هذا النوع. هذا النظام المقترح لم يأتِ من فراغ¡ هناك مؤشرات تؤيد أهميته والحاجة إليه عند حدوث الممارسات التي أشار إليها النظام. أما حين تقع المخالفات وتحدث الممارسات الممنوعة ثم نبحث فجأة وفي حالة استنفار عن كيفية التعامل معها فهذا خلل إداري وتنظيمي.
الأنظمة توضع لتنظيم حياة الناس¡ والقوانين توضع للتعامل مع المخالفات سواء وصلت إلى مستوى الظاهرة أو لم تصل. إن القول بأن النيابة العامة هي التي تباشر التعامل مع الممارسات التي تحمل مضامين ضارة بالمجتمع لا ينفي أهمية وجود قوانين تفصيلية لتحقيق هذا الهدف.
يشير التقرير أن الأعضاء غير المقتنعين بالحاجة لهذا النظام يرون أن طرح هذا المشروع وتداوله يبقى مقلقاً للمفهوم الوطني الإيجابي عن المحبة والمساواة السائدة بين جميع أطيافهº وقد يكون مدعاة لظهور الكراهية والتمييز بسبب بعض الأحكام الواردة فيه¡ فيكون قد أسس لذلك بطريقة غير مباشرة.
أعتقد أن الحجة السابقة غير منطقية¡ وتعبر عن نظرة غير متفائلة¡ إذ كيف يكون النظام الموضوع أصلاً لحماية الوحدة الوطنية مقلقاً للمفهوم الوطني الإيجابي.! المفهوم الوطني الإيجابي هو الذي يحفظ وحدة الوطن ونسيجه الاجتماعي ويحقق العدالة¡ وهذا ما يستهدفه النظام المقترح¡ ولو أخذنا بالحجة السابقة لما أصدرت الدولة القوانين المتعلقة بمكافحة التحرش والعنف الأسري ونظام مكافحة جرائم المعلوماتية¡ وغيرها.
ويرى غير المؤيدين أيضاً -حسب التقرير- أن النظام المقترح لم يعتمد على إحصائية مرفوعة من الجهة المختصة¡ وهي هيئة حقوق الإنسانº وأعتقد أن الهيئة لديها دراسات حول هذا الموضوع¡ وأتوقع وجود تنسيق بين لجنة مجلس الشورى المختصة وبين الهيئة¡ علماً أن هذه القوانين كما أشرنا لا يتطلب إصدارها حيثيات إحصائية¡ لكن التنسيق مع الهيئة ضروري للتعرف على الحالات وليس الإحصائيات.
أما قول غير المؤيدين للنظام بأن المملكة بفضل الله أقل الدول تعرضاً لما يعكر صفوها في هذا الموضوع بحكم قاعدتها الشرعية وما يحمله مواطنوها من وازع الشرع ومنطق الوعي¡ فهذه الحقيقة لا تبرر عدم الحاجة إلى النظام¡ فلا يوجد مجتمع مثالي¡ وكل المجتمعات الإنسانية بحاجة إلى الأنظمة والقوانين حتى لو كانت بعض القضايا حالات استثنائية.
http://www.alriyadh.com/1769417]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]