يتصاعد التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم¡ فمنذ العام الماضي والولايات المتحدة والصين في حرب تجارية¡ والرسوم الجمركية بينهما في تصاعد مستمر¡ بحيث تكاد تشمل البضائع كافة التي تصدرانها وتستوردانها إلى ومن بعضهما البعض.**
وهذا أمر غير معتاد منذ انتهاء الحرب الباردة¡ وخاصة بعد إنشاء منظمة التجارة العالمية¡ حيث أميركا والصين عضوان فيها¡ فهذا الاشتباك التجاري بين الولايات المتحدة والصين يؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات الدولية¡ أساسها ليس المفاوضات وإنما العقوبات التجارية¡ وهذه في طريقها لأن تمهد الطريق لحروب مالية¡ أحد معالمها التي بدأت تتضح هي حروب العملات¡ وهذا أمر خطير على الاقتصاد العالمي.
إن حروب العملات سوف تكون سلاحاً ذا حدين على من يبالغ في استخدامها¡ خصوصاً عندما يدور الحديث عن الولايات المتحدة التي عملتها هي العمود الفقري للنظام المالي العالمي¡ التي تستخدمها بلدان العالم في العمليات التجارية بين بعضها البعض¡ مما رفع نصيبها إلى أكثر من 80 % من إجمالي الصفقات العالمية.
إن حرب العملات - إذا كان الدولار طرفاً فيها - ستؤثر ليس فقط على الولايات المتحدة وحدها¡ فخفض الفائدة على الدولار سوف يؤدي إلى تشجيع الصادرات الأميركية من ناحية¡ وهذا أمر ترغب فيه واشنطنº لأنه يتماشى مع الدورة الاقتصادية الأميركية بعد تباطؤ نمو الاقتصاد في الولايات المتحدة.
ولكن من ناحية أخرى¡ فإن هذا الانخفاض في سعر صرف العملة الأميركية¡ نتيجة موقعها في النظام المالي العالمي¡ سوف يؤدي إلى خفض سعر صرف عملات البلدان كافة المرتبطة بالدولار. فإذا كانت الدورة الاقتصادية في هذه البلدان متفقة مع الدورة الاقتصادية في الولايات المتحدة فإنها سوف تستفيد¡ وإذا كان لا فإن ذلك سوف يؤثر عليها بالسالب.**
إن الخطر¡ هو التوسع في استخدام سعر الفائدة باعتبارها أداة للعقوبات والحرب الاقتصادية - على حساب دورها كأداة لمعالجة الدورة الاقتصادية - ففي هذه الحال سوف تحاول البلدان المتأثرة بهذه الحرب إيجاد بدائل للدولار في التجارة الدولية¡**وهذه العملية سوف يؤدي تراكمها إلى إضعاف الدولار في المعاملات الاقتصادية العالمية.**
والصين ليست البلد الوحيد الواقع تحت ضغط العملة الأميركية¡ فهناك فضاءات اقتصادية أخرى ضخمة تتأثر بذلك وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي والاتحاد الروسي وغيرهما¡ وهذه فضاءات اقتصادية لديها خبرة وإمكانات واسعة تمكنها من إيجاد بدائل للدولار في التجارة العالمية¡ فالصين وروسيا وأوروبا تعمل جاهدة لإيجاد بديل لنظام سويفت لتحويل المال من بلد إلى آخر.**
إذاً فالعالم على أبواب مرحلة انتقالية مالية مثلما هو أمام مرحلة انتقالية اقتصادية¡ فخلال الـ20 عاماً القادمة سوف يكون العالم متعدد المراكز الاقتصادية والمالية.
http://www.alriyadh.com/1771806]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]