تطورت الخرافة في الغرب مع التطور التقني وتحولت في كثير من حضورها إلى فن¡ امتلأت بها شاشات السينما والروايات¡ حولت الشعوب الغربية تراثها من الخرافات إلى مادة للتسلية وتعبير عما بلغته التكنولوجيا من تقدم¡ أورثت العصور الوسطى زمن سيطرة رجال على العقل الغربي مادة ضخمة كفت المخرجين والمنتجين أربعين سنة من الإنتاج المتواصل¡ حطم الفن آخر الإيمانات بالخوارق في نفس الشعوب الغربية¡ لكن النفس البشرية لا تكف عن البحث عن المجهول والغامض¡ تأكد الإنسان الغربي أن الأرض ليست سوى طبقات من الصخور والحمم لا يمكن أن تضم في داخلها سوى بعض الحشرات¡ عندئذ كف عن الإيمان بالجن والعفاريت والأرواح والأشباح والتفت إلى السماء.
أسهمت الاكتشافات والنظريات العلمية حول الفضاء في تنشيط خيال الباحثين عن إجابات سريعة للإشكالات الكونية الغامضة¡ ظهرت خرافة الأطباق الطائرة والأصوات التي سجلتها ناسا والكائنات الفضائية التي هبطت في مزرعة في روسيا وجزيرة في إندونيسيا إلخ¡ من يريد أن يحقق دخلاً سريعاً في الغرب عليه أن يؤلف كتاباً يتهم فيه البيت الأبيض أو الكونجرس أو وكالة ناسا بإخفاء معلومات خطيرة عن الكون¡ ثمة من يقرأ هذه الكتب كخيال علمي وآخرون مهووسون يصدقون كل كلمة فيها.
المهووسون بالخرافة في الغرب يمثلون طوق النجاة لمروجي الخرافة في العالم العربي¡ هم الدليل على أن خرافاتنا ليست خرافات ومحاربتها أو تسفيهها مؤامرة على الدين والمجتمع.
كثير من الخرافات الحديثة في بلادنا التي لم تنقل من كتب التراث العربي تأتي تحويراً لخرافات غربية بعد أن تعطى طابعاً دينياً محلياً¡ نسمع من يتحدث عن أشعة تنبعث من الكعبة أو أشعة تنزل مع أذان الفجر تشفي سبعين مرضاً وغيرها مما يعرف بالإعجاز هي في الأصل خرافات غربية.
الفرق بين عالمنا والعالم الغربي أن المؤمنين بالخرافة في الغرب أقلية معزولة لا تملك المكانة الاجتماعية أو النفوذ الديني الذي تملكه قوى الخرافة في البلاد العربية¡ يعيش أصحاب الخرافة في الغرب على حقهم في التعبير الذي كفلته الدساتير في الغرب¡ لكن لا مكان لهم في الجامعات والمدارس ولا يسمح لمن يروج مثل هذه الخرافات أن يعمل في سلك التدريس بشقيه الجامعي والعام¡ بينما نعيش في العالم العربي على عكس ذلك¡ يكاد يكون حضور مروجي الخرافة في التعليم متفوقاً على العقلانيين¡ حتى أصبحت صفة عقلانيين سلبية الدلالة.
عندما عجزنا عن إنتاج العلم ونقله لم نعجز عن نقل الخرافات المتولدة حوله فانسجمت المتناقضات في عقولنا.
http://www.alriyadh.com/1774765]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]