وجه صحفي سؤالاً لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر¡ أمير الرياض عن هؤلاء الذين يحاولون التشويش على قرار وزارة التعليم بدمج صفوف الأطفال في المدارس¡ وكان رد الأمير حازماً وواضحاً: (لا تلتفت لهم¡ الخطة واضحة¡ والمسيرة مباركة¡ وسنصل - إن شاء الله - لتحقيق الأهداف بكل ما أوتينا من قوة). هذا الرد القوي يؤكد أن القضية ليست محل نقاش¡ وإنما هي جزء من العملية التعليمية الجديدة التي تلبي حاجة البلد من القوة الإنسانية¡ التعليم في المملكة لم يعد رهينة أفكار متطرفة أو غائبة عن العصر¡ رغم أن من ظهروا يتحدثون عن هذا الموضوع عدد من البسطاء لا يدركون حقيقة ما يجري وبعضهم مازال أسير الكليشاهات التي سادت في الماضي.
هذا الموقف ومواقف أخرى شبيهة تقودنا إلى سؤال حرية الرأي¡ متى يعد هذا النقد رأياً يستحق الاحترام¡ ومتى يصبح تحريضاً أو شوشرة للإثارة أو سذاجة¿.
حرية الرأي تقاس بالمرحلة وبالظروف الموضوعية السائدة¡ كل مرحلة من المراحل يعاد فيها تقييم مستوى حرية الرأي وفي النهاية يجب أن يصب التغيير في مزيد من الانفتاح¡ أن يكون التغيير إلى الأفضل والأكثر تسامحاً¡ لكن حرية الرأي يصاحبها دائماً قانون يقدم الحماية لطرفي التحاور¡ لا يمكن أن يُترك إنسان يسيء لمشروع كبير¡ ولا يمكن في نفس الوقت أن نكمم أفواه الناس للتعبير عن رأيهم فيما يمسهم.
عندما قال أمير الرياض لا تلتفت لهم¡ هو في الواقع يؤكد على حرية الرأي¡ دعهم يتكلمون ما شاء لهم الكلام فلن يلتفت لهم أحد¡ لا شك أن الأمير الكريم يعرف تجربتنا الطويلة مع هذه المعارضة¡ نفس هذه الفئة اعتبرت دمج تعليم البنات بتعليم الذكور إدارياً اختلاطاً¡ بل وتوقعت أن تورثنا الطوام العظام¡ هذا ليس الاعتراض الأول وليس الثاني ولا العاشر ولن يكون الأخير¡ تراث طويل من الاعتراضات الساذجة¡ أجمل ما في هذه الاعتراضات أن أصحابها بعد أن يترسخ المشروع المعترض عليه يصبحون أكثر المستفيدين منه¡ مطربة إماراتية كانت من أكبر المعترضين على حق المرأة السعودية في قيادة السيارة¡ وعندما زارت المملكة مؤخراً أصرت أن تقود السيارة بنفسها¡ سمعت أيضاً أن إحدى الداعيات المتشددات المعاديات لحق المرأة في قياد السيارة شوهدت تقود سيارتها في شوارع جدة¡ ومن طرائف الاعتراض على تعليم البنات في الستينات أن جاءت حملة من إحدى مناطق المملكة لتقديم وثيقة اعتراض شديدة اللهجة للمسؤولين¡ وعندما فشلت الحملة في ثني المسؤولين عن قرارهم فوجئ الناس أن قائد الحملة استقر في الرياض بعد أن حصل على وظيفة في الرئاسة العامة لتعليم البنات.
إذا قرأت تاريخ هذه الاعتراضات سترى أن القضية ليست رأياً بقدر ما هي نوع من الانغلاق وخروج عن الواقع.
http://www.alriyadh.com/1775649]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]