لا يمكن أن تفهم عقلية من يعتبر أن كل حياته معارك مصيرية لا بد من الفوز بها¡ وتحقيق النصر على الجميع دون هوادة!
بالتأكيد أحد أهم منغصات الحياة هو التنافسية المتواصلة¡ والاعتقاد أن كل شيء يستحق خوض الحرب لأجله¡ بينما يفترض ناموس النجاح أن تكون انتقائيًا فيما تقاتل لأجله¡ وأن تكون ذكيًا في استهلاك مواردك المحدودة¡ حتى لا تمسي مقاتلًا مجهدًا لا يُغمد سيفه.
وخذ في تجاذبنا لأطراف الحديث خير مثالº إذ يتعصب كثيرون لآرائهم بشدة¡ ويبذل الجهد الذهني¡ ويخسر الوقت فقط لإثبات وجهة نظره للطرف الآخر¡ بينما كان يجب عليه أن يقدر الموقف وحالة المخالف¡ فإن كان يبحث عن الحقيقة قدمها له بكل بساطة ووضوح¡ دون الدخول في مهاترات أو ردود تتعب النفس قبل الجسد¡ وإن كان غير ذلكº فتجاوز الموضوع إلى غيره.
أما المكان المثالي لاختبار قدرتنا على تجاوز فخ المعارك الوهمية¡ فهو مقر العمل¡ حيث تتقافز أمامنا فرص المعارك كل ساعة¡ ففي كل رسالة إلكترونية أو مشروع عمل فرص هائلة لتصعيد الموقف وتحقيق انتصارٍ شخصي¡ غير أن الإشكالية الكبرى هي أن الفوز في معارك صغيرة متتالية قد يُعمينا عن المعارك الكبرى¡ فنخسرها لأننا استهلكنا أنفسنا فيما دونها¡ ناهيك عن أن الترفع عن خوض تلك المعارك مع الآخرين رغم وجوب بعضهاº يحقق لنا ميزة إضافية على من حولنا¡ ويزيد من فرصة أن نحقق ما نرغبº لأننا نركز أكثر على المعركة الأكبر.
لا بد من إدراك مهارة التغاضي عن الأصغر¡ والتركيز على الهدف الأكبر¡ وهي وإن كانت تبدو سهلة المنال إلا أن كثيرين تستدرجهم سهولة الفوز السريع وروعة تحقيق الإنجاز القريب¡ فيخسرون فرصهم¡ وميزة تقدمهم على الآخرين في المعركة النهائية.
ليست الحياة بالضرورة مجموعة معارك متتالية¡ لكنها بالتأكيد أمواج مدٍ وجزر¡ قد تتخللها صراعات تُخاض مع الآخرين لتحقيق مصالحك¡ وهي غالبًا ما قد تكون متعارضة مع بعضهم¡ فهل يعقل أن نستهلك طاقتنا في الأدنى ونتناسى الأكبر فقط لأنه الأصعب¿
كن واقعيًا واعرف قدراتك ومدى هامش مناورتك قبل أن تخوض أي معركة¡ فإن كنت لا تستطيع الفوز في هذه المعركة¡ فمن الحكمة تجاوزها والمراهنة على الوقت أو على تغيّر الظروف¡ وهو ما يجعل كثيرًا من الفائزين قادرين على تحقيق نجاحهم دون فعل أي شيء.. فقط تغيّر الظروف.
اختر معاركك بنفسك¡ ولا تكن سهل الاصطياد من الآخرين فيجروك لمعارك تستنزف وقتك وجهدك¡ ثم تجد نفسك غير قادرٍ على تحمل المعركة الأهم... فقط كن ذكيًا.
http://www.alriyadh.com/1776547]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]