شهدنا خلال الأسبوع الفارط رحيل الطالب معتز خويتم الحارثي خنقاً على يد أحد زملائه في مدرسته بالرياض. وقد أثارت هذه الحادثة الرأي العام السعودي وهو ما نشاهده من خلال تناولها في وسائل الإعلام التقليدية¡ ووسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع. ولكن ومع الأسف لم يخرج هذا التناول عن نطاق الإشادة بأبي المقتول على تنازله¡ والمطالبة بدعمه نظراً لظروفه المادية الصعبة.. ولكن الأمر من وجهة نظري ووجهة نظر أي مفكر ينظر إلى هذه الحادثة بعمق وفي نطاقها الأشمل يبدو أكثر تعقيداً ويكشف عن خلل لدينا في العديد من الجوانب.
تتداخل في قضية مصرع معتز أربع جهات وهي: أسرة معتز¡ وأسرة قاتله¡ ووزارة التعليم¡ والمجتمع بشكله الأعم. أما أسرة معتز فقد تنازلت لوجه الله كما أعلن والده صراحة وهو موقف نبيل يسقط الحق الخاص عن الجاني. وإن كنت أتمنى أن نسمع صوت والدته الذي كان غائباً. أما أسرة الجاني فقد كانت سعيدة بهذا التنازل الكريم¡ ولكنها مطالبة بعمل الكثير خصوصاً فيما يتعلق في البحث عن الأسباب التي قادت ابنها للقيام بذلك. فلربما وجدت منطقة بحاجة للعلاج لتلافي مثل هذا الأمر مستقبلاً. وفيما يخص وزارة التعليم فهي المعنية في المقام الأول بهذه القضية. لقد قام الوزير ومدير عام التعليم بالعزاء¡ ولكن ماذا بعد العزاء¿ كنت أتمنى خروج بيان رسمي من الوزارة ليس لإعلامنا بوقوع الحادثة¡ ولكن لشرح التدابير المتخذة على خلفية هذه القضية التي تضمن عدم تكرارها من ناحية وإعادة الثقة لأولياء الأمور من ناحية أخرى. وهو ما نتوقعه من هذه الوزارة وغيرها من الوزارات في عهد ملك الحزم وولي عهد الإصلاح ومحاسبة المقصرين. فماذا عملت الوزارة تجاه تكدس الطلاب في الفصول¿ وتجاه عدم وجود حراس لبعض المدارس¿ وتجاه ضعف الرقابة في بعض المدارس من قبل المعلمين¿ وماذا عملت تجاه محاربة التنمر في المدارس¿ إن ظاهرة التنمر بحاجة إلى دراسة في الأسباب وطرق العلاج¡ وتطبيق برامج وقائية. أما المجتمع -لاسيما المشتغلين بوسائل التواصل الاجتماعي- فقد بالغوا في النشر والتصوير للدرجة التي سيجد فيها الطفل الجاني نفسه مشهوراً رغماً عنه. وقد تتسبب هذه الشهرة في سلبه طفولته وتزيد من نفور بعض المدارس وطلابها منه. إننا بحاجة إلى طرق عقلانية وعلمية لمعالجة كل هذا. فلسنا على استعداد لرحيل معتز آخر.




http://www.alriyadh.com/1776952]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]