جلس مات غرينينغ في غرفة الانتظار في شركة فوكس الإعلامية. كان عليه أن يقدم فكرته عن برنامج تلفازي كارتوني للكبار بعد نجاح برنامجه "الحياة في الجحيم"¡ ثم قبل لقائه بالمسؤولين بـ 15 دقيقة علم أن فوكس تشترط أن تحصل على حق ملكية البرنامج¡ فانزعج وبدأ يفكر في برنامج آخر غير الذي أتى به لئلا يخسره¡ وأخذ يرسم رسمات سريعة لشخصيات¡ ولم يسعفه الوقت فأتت السكرتيرة وأخبرته أنهم يتنظرونه¡ فدخل عليهم وقدم لهم الفكرة وأعجبتهم الشخصيات¡ وسألوه عن أسماء الشخصيات فتلعثم ثم قال: اسم الأب هومر. قالوا: وما اسم الأم¿ قال: اسمها مارج¡ وأما الابن فاسمه بارت¡ وأخته ليسا¡ والرضيعة ماغي. إنها أسماء والديه وأقاربه! وهكذا وُلِد البرنامج الذي يعده الكثيرون أعظم وأنجح برنامج في تاريخ التلفاز كله¡ The Simpsons.
ما الذي جعل غرينينغ يتجه نحو الرسم والكارتون والفن¿ لم يصبر على الحفظ ونظام التلقين في المدرسة. احتاج مجال إبداع¡ أن يصنع شيئاً من لا شيء. هذه طبيعته وقدراته¡ ولو أنه جلس مع البقية لربما اتجه نحو مجال آخر ولحُرمنا هذه البرامج البديعة¡ فهو أيضاً صنع برنامج Futurama العبقري.
وهكذا بقية الناس. كل له طموحه وقدراته¡ فلو استوى الناس لما استمرت الحياة¡ لأن الاختراعات والصناعات تأتي من بشر لم ينجذبوا لمجالات أخرى¡ فماذا لو كان ألكساندر فليمنغ (مخترع المضاد الحيوي) اتجه نحو احتراف التزلج على الجليد¿ إذاً لما اخترع لنا دواءه الذي لا يزال ينقذ الملايين. ماذا لو أن كل الناس اتجهوا نحو العلم ولم يبق أحد يكنس الشوارع¿ لتكومت النفايات وانتشرت الأوبئة وضاقت الأرض علينا بما رحبت. الشعراء الذين استمرت قصائدهم الجميلة عبر القرون كانوا سينقرضون لو أنهم تخصصوا في المبارزة وقُتِلوا في شبابهم. سمعت عن موظف تساءل عن الرئيس التنفيذي في شركته وعن أشغاله اليومية¡ فقال له الرئيس: خذ مكاني هذا اليوم ولترَ إذا كان عملي بالسهولة التي تظنها. تقدم الرجل بثقة¡ ولما انهالت عليه الرسائل الإلكترونية والمكالمات والمسؤوليات والشكاوى والضغوط والكوارث المحتملة والمعاملات العاجلة عرف أنه بالغ في تقدير قدراته وأقر أنه مخطئ في ظنه.
وما أكثر من يفكرون مثله!
http://www.alriyadh.com/1777168]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]