جاءت الرواية بتكنيك خاص حيث تتداخل فيها عملية الوصف والحوار بطريقة التبادل بين الشخصية الرئيسة والشخصية الرئيسة الثاني مع الراوي الذي يطرأ بين فترات متقطعة في الحوار¡ ولكنه مستمر في الوصف السردي المتابع للرواية والأحداث¡ فتكونا (=ليلا وإيليان) في عملية تجاذب وتنافر طوال مسيرة العمل¡ إذ يربط بينهما خيط مرن إذا أرخته إحداهما شدته الأخرى¡ وهكذا دواليك كما يقال هما صغيرتان في المدرسة تسكنان في حي واحد بيتاهما متجاوران¡ تلعبان سويا¡ أبو أحداهما بواب¡ وأبو والاخرى جزار¡ وفي هذا الحي الفقير تنشأ الأحداث التي تنطلق ألى أماكن أخرى¡ وتتحول فيها شخصية الإبنتين بمرور الأحداث وتوالي السنين إلى ليلا ثرية بزواجها إلى تاجر¡ وتواصل ألينا تعلمها¡ حتى تصل إلى أن تكون كاتبة شهيرة برواية سردت فيها أحدثا تتماهى مع تجاربها الشخصية¡ كما أنها تتزوج¡ وتحدث انتكاسة ليلا بفشل زواجها من الثري بسبب الخيانة الزوجية من قبل الزوج وعدم التوافق الذي أشعل الفتيل بينهما بالرغم مما كان يبديه كل منهما من مجاملات¡ فتتحول إلى عاملة في شركة لبيع اللحوم وتصديرها¡ وتلاقي الويلات من العاملين والإدارين مع التحرش والاتهام بالسرقة بطريقة مدبرة من المدير الذي لم يفلح في مراودته لها¡ ويعمل على توجيه الإهانات لها¡ ولكنها تصبر لكونها قد أنجبت ولدا¡ وهو معها تحرص على تربيته وتريد أن تتمكن من أن تؤمن له العيش¡ ولم تتركها صديقتها الكاتبة التي ذكَّرتها بالقصة التي كانت قد كتبتها (ليلا) بعنوان -الساحرة الزرقاء- عندما كانتا تدرسان في المدرسة الابتدائية¡ وتأملان بالخيال أن تكونا من الأثرياء¡ وأن كتابها الذي بلغ شهرة واسعة وطلب منها أن تتحدث عنه في المحافل وكتب عنه الكثيرون¡ وجمعت من المال الكثير بسببه¡ كان من وحي قصة الساحرة الزرقاء التي أحرقتها ليلا بعد ما قرأتها ورأت أنها لا تستحق النشر¡ وتبرز صورة إيطاليا الوطن كثقل موضوعي في العمل خاصة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي حيث التوترات السياسية بين الشيوعيين والفاشيين كانت في أوجها¡ وفي هذا الخضم المتلاطم من الأحداث يشتد التقارب بين الصديقتين خاصة من جانب لينا التي ساندت ليلا في تأكيد مطالبها التي ترى أنها مفيدة للجميع بعد أن تذرعت بحكمة المواجهة بالواقع مهما كان الثمن¡ وتعمل ككاتبة وزوجة بروفيسور منعمة بالثراء لإنقاذ صديقتها بمساندتها لها عبر الوسائل الإعلامية¡ خاصة بما استحقته الصديقة من حقوق بعد أن تركت العمل احتجاجا لكونه لا يلائمها بما يرتكب فيه من أعمال لاتراها مناسبة لها ولا تريد أن تغوص في مستنقعاتها¡ وهكذا يكون الحبل بينها في شد وإرخاء متبادل¡ وهما ممسكتان به بثقة تامة.
رباعية نابولي صدرت عن دار الآداب/لبنان بترجمة معاوية عبدالمجيد الذي أضفى عليها جمالا بلغته العربية السلسة الممتنعة على البعض ممن شوهو أعمالا عظيمة بترجمات تجارية ضحلة¡ وأعطى الكاتبة حقها والتي قيل عنها «ربما تكون أفضل كاتبة عرفتها الرواية الحديثة¡ أدبها شفاف كالبلور¡ حكاياتها غرائزية وغرائبية وعميقة في آن واحد»¡ ومن قرأ الرواية سيرى أن هذا الكلام لا يجانب الحقيقة¡ بل هو بعض من الحقيقة عن رواية متكاملة الأبعاد تنم عن عميق ثقافة وبعد نظر وجهد مضن في سبيل عمل متكامل.
http://www.alriyadh.com/1777784]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]