عبدالله الشيخ اسم لفنان كبير¡ انتقل إلى رحمة الله قبل أيام تاركًا إرثًا فنيًا مهمًا ومتميزًا¡ فهو ابن الأصالة والعراقة¡ تلقى علومه الفنية الأساسية من إحدى أهم مدارس الفن العربي وهو معهد الفنون الجميلة ببغداد¡ درّسه كبار فناني العراق ورواده (جواد سليم وفائق حسن وعطا صبري والشيخلي) وآخرون¡ والفنانون الكبار ضياء العز أوي وعلي طالب ومحمد مهر الدين ورافع الناصري زملاؤه¡ فكانوا جميعهم كبارًا.
وعندما استقر في المملكة منذ عام 1981 وهو ابن الخامسة والأربعين عامًا كانت حيويته¡ وقد أتى بكل المعارف والخبرات التي جعلته يحتل مكانة مرموقة منذ أطلق معارضه الفردية الأولى في المنطقة الشرقية ثم الرياض وجدة¡ كانت أعماله مزيجًا بين المستوحى الشعبي والإنساني¡ فالمنطلقات التأسيسية التي ترك أثرها توجيهات جواد سليم ظهرت في أعمال لاحقة¡ كان الإنسان منطلقها بجانب تأثير بيئته الأولى (الزبيرية تحديدًا أو البصراوية) على أعماله.
عرفت الفنان الشيخ مبكرًا عندما عمل في أحد المطابع الأهلية أول الثمانينيا¡ت وشاركنا معًا فيها ولحضور له في معارض المنطقة الشرقية والمملكة¡ وهو معرض نظمه مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب في المنطقة بإشراف الفنان فيصل السمرة¡ امتدت العلاقة بالشيخ وقد انتقل إلى مدينة الجبيل الصناعية ليعمل في مطابع الهيئة الملكية¡ وكنا ننظم وبعض الأصدقاء فناني المنطقة الشرقية لقاءات شبه شهرية في منزل أحدنا¡ عاد إلى الدمام واستقر بعد تقاعده. وواصل مساره الفني إداريًا أو محكمًا أو محاضرًا بجانب مشاركاته ومعارضه الفردية أو المشتركة¡ وكان من أواخرها معرضنا المشترك معاصرون (عبدالله الشيخ ومحمد الصقعبي وعبدالرحمن السليمان) في قاعة تراث الصحراء بالخبر 2009 تقريبًا¡ ثم وفي القاعة نفسها معرضه الشخصي بأعمال معظمها صغيرة¡ وكان آخر معارضه الشخصية.
في فترة مرضه كنت أزوره وأتواصل معه هاتفيًا¡ وكان أكبر اهتماماته عودته إلى ممارسة الرسم¡ فهو حديثه وشغله وتفكيره¡ تركت وفاة زوجته أثرًا كبيرًا في نفسه قبل عامين تقريبًا¡ فالسيدة العظيمة التي كانت تشاركه أحيانًا الرأي والوعي رحلت¡ وتركت غصة في نفس الشريك¡ ازدادت متاعبه يومًا بعد يوم¡ كنت أحرص على زيارته والاتصال به ووفق ظروفه الصحية¡ عندما أهديته كتابي عن الفن التشكيلي السعودي في المنطقة الشرقية قبل أشهر كان سعيدًا به وبأسمائه¡ وبالجزء الذي وثقت فيه مسيرته ودراسة أعماله وتوجهاتها وأصالتها. كان أحد أعمدة ملتقانا (الأربعائية) وكانت آراؤه محط الاهتمام.
وفاته خسارة كبيرة للساحة الفنية والثقافية في المملكة كأحد أهم أسمائها التشكيلية. كرمه معهد مسك للفنون العام الماضي كأحد رواد الفن السعودي¡ كما أطلقت جمعية الثقافة والفنون بالدمام اسمه على قاعتها الفنية قبل أعوام.
رحم الله عبدالله الشيخ كان أحد أعلامنا الفنية وسيبقى كذلك.
http://www.alriyadh.com/1780253]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]