إن طال بك العمر وسرت في مجالات شتى فستجد نفسك وقد خلصت إلى خبرات وتجارب فريدة تشكّلت معك وفق حظّك من الفهم والتحليل والمقارنة. ومن ذلك أحكامك على أصناف البشر ممن عبروا معك وبقربك في مشاوير الحياة. وتترسّخ بعض القناعات مع تكرار التجارب فتكوّن بعض الأحكام (الموضوعية) التي توجّه أساليبك في التعامل أو التعايش مع بعض الناس أو حتى الانصراف عمّن اقتنعت بألّا تضحّي من ثمين العمر مستقبلا بأي لحظة منشغلاً بأحوالهم.
ولعلّ هذا المقال ينجح في رسم صورة تقريبية لما يمكن تسميته بأنموذج "الشخصيّة الفارغة" التي لا بد ستتعثر بها يوماً أو لعلّك قد فعلت وأنت تمشي خطاك المكتوبة في الحياة. وهنا أبرز ست علامات لهذه الشخصيّة الفارغة:
أولاً: لا تصل الشخصيّة الفارغة إلى (مكان) إلا عبر الأبواب الخلفية أو من خلال تسلّق مواسير (الصرف غير الصحي) ثم تقضي بقيّة عمرها تبحث عن (مكانة) لم ولن تجلبها لها رياضة قفز الحواجز.
ثانياً: من مزايا الشخصيّة الفارغة توظيف خداع العناوين والمسميات في (سيرة ذاتية) طويلة جداً تتضمن أسماء جامعات وهمية وإنجازات ومبادرات لا شاهد عليها ورئاسات لجان وفرق العمل لا منجز لها. وستقرأ أيضاً عن عضويات منظمات وألقاب فارهات ثمنها حفنة دولارات ومكانها وراس مالها موقع إلكتروني بائس.
ثالثاً: وما يتميّز به صاحب الشخصيّة الفارغة كثرة الانتشار وقلة البركة. وأنت ستجده على تويتر ينشر صورته في حفل سفارة¡ وعلى صدر صفحة بصحيفة يبارك زواج وجيه. وستشاهده في حفلة عامة يتلفت يمنة ويسرة لعله يحظى بصورة مع شخصيّة مهمة علها تمنحه شأناً وقيمة.
رابعاً: صاحب الشخصيّة الفارغة كثير القلق والتنقل في الأعمال خشية انكشاف كذبه لم يحبكها أو ظهور شاهد صادق¡ أو حتى انتقام متربص أو نظير قاسمه اللعبة فأخل بشروطها.
خامساً: صاحب الشخصية الفارغة لا يكلّ ولا يملّ من ادعاء التميّز وابتكار المبادرات. ولا مانع لديه من ادعاء السبق بالتحذير من الاحتباس الحراري وأنه أول من طرح فكرة شق الطرق الدائرية في المدن المزدحمة ناهيك عن سبقه في كل فكرة جديدة تطبيقها إدارته أو حتى دولته.
سادساً: وما يميّز الشخصيّة الفارغة أن طموحاته تفوق قدراته. وحين تتورط بعض المؤسسات في شخصيّة فارغة تجده بعد أن يهوي بها يخرج مدعياً الانتصار للمبدأ وأن المتربصين لا يريدون له النجاح.
قال ومضى:
المرحلون من الذاكرة.. عقوبتهم أنّ القلوب لم تغفر لهم أبداً..




http://www.alriyadh.com/1783277]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]