مؤخرًا أضحت تجارب السفر متشابهة¡ وجهات متكررة ورحلات متطابقة¡ ذلك أن منصات التواصل الاجتماعي وفيض الصور المتناقلة والخبرات المتداولة قضت على دهشة السفر وغرائبية الترحال.
هذا بالتأكيد يحدث حينما تسافر بالشكل التقليدي¡ دون أن تتشجع لخوض تجربة جديدة¡ أو أن تبحث عن تجربة متفردة¡ أو حتى مجرد التفكير بأسلوب سفر مغاير عما يمارسه غالب المسافرين من حجز فندق معروف¡ وزيارة معلم سياحي¡ ثم تناول الطعام في مطعم فاخر¡ والتجول في مجمع تجاري.
الرائع في الأمر أن التحوّل نحو تجارب السفر الجديدة أضحى أسهل من أي وقتٍ مضى¡ فمواقع حجز السكن التشاركي تقدم اليوم خدمة تشارك التجارب المحلية¡ وهو ما اقتنصته قبل سنوات في مدينة براغ¡ حينما خضت مع المصمم التشيكي فاتسلاف تجربة صناعة مفكرة جلدية¡ خلال أربع ساعات تعلمت منه صناعة المفكرة من مواد محلية¡ كبعض المجلات العتيقة والكتب البالية¡ هذه التجربة لا تزال أروع ذكرى شخصية لي في براغ¡ تفوق بمراحل لحظاتي الأخرى في المدينة وبالذات جولتي السياحية على أبرز معالمها كجسر تشارلز أو ساعتها الفلكية.
يمكنك – أيضًا - أن تصمم رحلتك تحت نطاق موضوعٍ معين¡ مثل السفر في رحلة ثقافية لاكتشاف عوالم أديب تقرأ له¡ مثل ما فعلته مع الأديب الكبير نجيب محفوظº إذ خصصت له رحلة قاهرية كاملة بعد أن عُدت إلى إبداعاته وأحطت بمراحل حياته¡ فزرت حي الجمالية الذي نشأ فيه¡ ثم بيته في عجوزة الجيزة¡ والمقاهي التي كان يرتادها: "ريش" و"الفيشاوي"¡ و"زقاق المدق" الذي ما زال يعلق صورة أهداها الأديب الراحل لصاحب المقهى¡ حتى يمتص غضبه من شخصية المعلم "كرشة" في الرواية التي حملت اسم المقهى والحي! توّجت الرحلة بحضور ندوة شبابية عن الأديب النوبلي.
رواد الأعمال الشباب لم ينسوا اقتناص فرص تحول خيارات السفر¡ ومنهم تشيسكي كروملوف الذي أنشأ شركة نقل سياحية¡ تنقل المسافرين برًا من مدينة أوروبية إلى أخرى¡ بقيادة سائق يقدم شرحًا سياحيًا عما يقابله من شواهد ومعالم¡ ويدير حوارًا ثريًا مع الراكب عن رحلته¡ ولك أن تتصور أن هذه الشركة توسعت مؤخرًا لتغطي 16 دولة أوروبية! بعد أن حولت ساعات السفر برًا من ملل وكآبة إلى تجربة تختلف كل مرة¡ ناهيك عن العشرات من الشركات السياحية الأميركية¡ التي تركز فقط على تجربة سياحية مختلفة لكل سائح تلبي رغباته وتكسبه ذكريات لا ينساها.
لا أجمل من رحلة تستعد لها قبل أن تطأ أرضها¡ تتلمس شواهدها وتقترب من أهلها¡ تعيش تجربة تخصك أنت وحدك¡ تعود وقد خبرت قصصًا لافتة¡ وتوثقت عرى أصدقاء جدد¡ حتمًا هذه هي الذكريات التي تبهج روحك¡ وتحفر في أعماق ذاكرتك¡ وتفخر بنقلها للآخرين¡ كل ما عليك أولًا أن تبدأ يا صديقي بإعادة تعريف السفر.
http://www.alriyadh.com/1784196]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]