مدننا بحاجة إلى وضع مقاييس عالمية لجودة الحياة بدءًا بالأرصفة وانتهاء بالشوارع العامة وما بينهما¡ فجودة الحياة تعني سهولة الوصول والوصول الشامل لذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة¡ والسلامة للمشاة والعربات والراحة داخل البيوت..
تزخر رؤية 2030 بعديد من البرامج المهمة¡ ولكل برنامج أهداف ومبادرات يجب تحقيقها قبل عام 2030¡ ومن هذه البرامج برنامج التحول الوطني¡ وبرنامج جودة الحياة¡ وبرنامج التوازن المالي¡ والإسكان¡ وصندوق الاستثمارات¡ وغيرها¡ وهذه البرامج عند تحقيقها ستجعل المملكة بلدًا مختلفًا بل متقدمًاº ذلك أنها تصب في مضاعفة القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية¡ وتحسين جودة الحياة¡ ومن أهداف الرؤية جعل ثلاث من مدن المملكة من بين أفضل مئة مدينة في العالم من حيث جودة الحياة¡ وهذه مهمة صعبة ذلك أن تخطيط المدن وتنفيذ المشروعات في السابق لم يأخذ في الاعتبار جميع متطلبات جودة الحياة كما هو في مدن الدول المتقدمة. فعلى سبيل المثال لا الحصر¡ تنتشر المقاهي والمطاعم والمحال التجارية في الشوارع العامة دون وجود ما يكفي من المواقف¡ ما يجعل المركبات تقف أمام المنازل المجاورة¡ كما أن معظم الحارات لها مداخل كثيرة¡ وهو ما يجعل شوارعها الداخلية ممرات بين الشوارع الرئيسة مع خلو تام من علامات تحديد السرعة في الشوارع الداخلية¡ وخلو تقاطعاتها من علامات الوقوف أو أفضلية السير¡ كما تخلو من كاميرات مراقبة السرعة¡ ما جعل بعضها حلبات سباق تهدد الساكنين¡ وتسبب الإزعاج¡ خاصة في الليل ومع وجود السيارات المعدلة لإحداث مزيد من الأصوات ولفت الانتباه¡ خاصة في ليالي نهاية الأسبوع دون إيقافها ومجازات سائقيها¡ إضافة إلى ظاهرة التفحيط الخطرة التي لم تعط ما تستحق من اهتمام رغم خطورتها وإزعاجها وبروزها كظاهرة خطرة تكاد تنفرد بها مدن المملكة.
على سبيل المثال في مدينة برلين في ألمانيا حددوا السرعة داخل الأحياء السكنية بـ50كم في الساعة¡ تنقص إلى 30كم في الساعة بعد العاشرة ليلًا حتى السادسة صباحًا خشية إيقاظ النائمين¡ أما التشجير والحدائق الكبيرة والصغيرة فهي السمة البارزة في مدن وقرى الدول المتقدمة¡ ومن شبه المستحيل أن تجد مبنى حكوميًا أو مدرسة بدون أشجار كبيرة تحميها من التلوث وتمدها بالظل والجمال والراحة النفسية.
جودة الحياة لا يختص بها برنامج واحد من برامج الرؤية¡ بل هو موزع بين برامج ووزارات وهيئات كثيرة¡ يجب أن تعمل جميعها في تناغم وتنسيق لتوحيد الجهود وتقليل التكاليف¡ ومن ذلك القيام بالخطوات الآتية:
أولًا: الإنسان هو العنصر الأهم لنجاح برامج الرؤية والوزارات التي تقدم الخدمة¡ ومن المستحسن الاستفادة من برنامج الابتعاث لوزارة التعليم لجعله موجهًا لخدمة الجهات التي هي في أشد الحاجة للتطوير¡ ومنها البلديات والمرور والشرطة والبيئة¡ والبحث عن الكفاءات المتميزة داخل الوزارات وتمكينها¡ وعدم إبقاء الموظف¡ خاصة المراتب المتوسطة والعليا¡ مدة طويلة في المكان نفسهº لأنه يعتاد على نمط معين يصعب تغييره¡ كما أنه بعد السنوات الأربع الأولى قد يصيبه الملل ويخف لديه الحماس.
ثانيًا: مدننا بحاجة إلى وضع مقاييس عالمية لجودة الحياة بدءًا بالأرصفة وانتهاء بالشوارع العامة وما بينهما¡ فجودة الحياة تعني سهولة الوصول والوصول الشامل لذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة¡ والسلامة للمشاة والعربات والراحة داخل البيوت ووجود وسائل الترفيه التي تكون في متناول الجميع¡ خاصة الحدائق الكبيرة بين الأحياء المكتظة بالسكان من قليلي الدخل¡ وجعلها عامرة بالأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية¡ مع الاستمرار في تحسين مستوى المدارس الحكومية لتضاهي المدارس الأهلية والعالمية¡ وجعل الرعاية الصحية متاحة للجميع¡ مع التركيز على الرعاية الصحية الأولية في المدارس ولساكني الأحياء.
ثالثًا: لا شيء يبعث على الراحة¡ ويجلب الصحة¡ ويخفف حرارة الجو كزيادة المساحات الخضراء¡ وهو ما يعني مضاعفة جهود البلديات والأمانات ووزارة البيئة والمياه لزرع الأشجار المناسبة في الشوارع الرئيسة والفرعية وداخل المدارس والمستشفيات والمساجد والاستفادة من المياه المهدرة للتشجير¡ وجعل ذلك بندًا مهمًا لجميع المشروعات القائمة والمستقبلية¡ وجعل المملكة رائدة على مستوى العالم في التشجير ومكافحة تغيير المناخ.
التركيز على جودة الحياة سيعود بفوائد كثيرة على المجتمع وميزانية الدولة¡ فعلى سبيل المثال لو تم التركيز على السلامة المرورية فستقل خسائر الأرواح والإعاقات وشاغلي أسرة المستشفيات¡ وتقليل تكاليف الرعاية الصحية¡ كما سيقلل استنزاف الأموال لشراء مزيد من السيارات وقطع الغيار بسبب الحوادث¡ وهكذا مع تطوير البلديات أو البيئة¡ فكل ذلك سينعكس على راحة المواطن وسلامته وصحته البدنية والنفسية والعيش في طمأنينة وأمن داخل بيته وخارجه.
http://www.alriyadh.com/1784197]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]