ألقيت مؤخراً محاضرة بعنوان "الدولة الوطنية وهرم الانتماءات" ضمن فعاليات اليوم الوطني. وقد سعدت كثيراً بمدى تفاعل أعضاء هيئة التدريس وتعطشهم لمثل هذه المحاضرات التي تزيد الثقافة السياسية لديهم¡ بما ينعكس وبشكل إيجابي على انتمائهم الوطني. فالدولة الوطنية هي عبارة عن قطعة أرض معينة يعيش عليها شعب يتشارك ثقافة معينة وترأسه حكومة واضحة المعالم ومعترف به في النظام العالمي.
ومن هنا فإن القول إن الدولة الوطنية هي من اختراع الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية يعد قولاً غير صحيح. فلو عدنا إلى جذور الدولة الوطنية لرجعنا إلى العام 1648م الذي شهد معاهدة ويستفاليا التي أنهت بدورها حرب الثلاثين عاماً الطاحنة في أوروبا. وقد نتج عن هذه المعاهدة الكثير من النتائج منها أنه أرسى نظاماً جديداً في أوروبا الوسطى مبنياً على مبدأ سيادة الدول. كما طالب الدول في حالة حدوث أي نزاع في المستقبل بعدم تقديم المساعدة لأي طرف من أطراف النزاع. كما سمح بحرية الديانة بالنسبة للمذاهب النصرانية.
وبذلك بدأت ملامح الدولة الوطنية تتشكل منذ ذلك التاريخ. وأصبحت حقيقة من حقائق الحياة السياسية المعاصرة التي أصبحت مع الوقت تشكل اللبنة الأولى في بنية النظام الدولي. كما أن من الأخطاء القول إن جميع الدول الوطنية بنيت على التفكيك لكيانات أكبر كانت قائمة. فلو صح هذا في حال بعض الدول فهو لا يصح فيما يخص المملكة العربية السعودية. فالدولة السعودية الأولى قامت بجمع الكثير من أجزاء الجزيرة العربية ولولا وقوف الدول الاستعمارية في طريقها لتوسعت إلى مجالات أكبر. وبالتالي فالمملكة كانت في أساسها مشروعاً بنائياً تجميعياً وليس العكس. ونظراً لكون الدولة الوطنية هي أساس النظام السياسي الدولي المعاصر وجب الاهتمام بالانتماء لها ضد الدعوات إلى الانتماء إلى الأفكار الأممية العابرة لحدود الدول الوطنية والتي تسير أساساً عكس تيار التاريخ. بهذا الانتماء تحصن الأوطان ويقطع الطريق على دعاة الإرهاب وقتل الإنسان وتدمير الحضارة.
http://www.alriyadh.com/1784493]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]