المتطلّبات الخاصة بالمسؤولية يعود أغلبها إلى خصلتين عظيمتين هما: القوة والأمانة¡ وهما ركنا الولاية¡ ويظهر تحلّي الملك سلمان ووليِّ عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان سلمهما الله تعالى بهما¡ فلم يُزعزعهما ما لاقياه من مناوأةِ دولٍ لم تدّخر وسعاً في زعزعة مواقفهما¡ ولم يتأثر عطاءهما باستماتة أطرافٍ إقليميةٍ ودوليةٍ في اعتراضِ كُلِّ طريقٍ سلكاها نحو الارتقاء بالمملكة إلى آفاق التقدّم..
تحمّلُ المسؤوليةِ عِبءٌ ثقيلٌ لا يُطيقُهُ كثيرٌ من الناس¡ ولله حكمةٌ بالغةٌ في تفاوت قدرات الناس¡ ولا خلاف بين البشر في أن لتولّي الولايات شروطاً مطلوبةً تتنوّعُ حسب تنوّعِ المسؤوليات¡ وقد أقرّ الشرع الحنيف هذا المبدأ¡ فجاء باشتراطِ صفاتٍ مُعيّنةٍ لأهمِّ الولايات كما يُفصّلُهُ الفقهاء في أبواب الولايات¡ ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم انتقاء ذوي الكفاءة العالية لتولّي الأمور بحسب ما تتطلّبه المهامُّ¡ فكان يُعيّنُ أهل الكفاءة القتالية في قيادة السّرايا¡ ويبعث أهل العلم في مُهمّات التعليم والتبليغ¡ ولم يكتفِ بهذا بل نَصَحَ من لا يرى فيه خصائص الولاية بالنأي عنها¡ فعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله تعالى عنه¡ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ¡ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ¡ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا¡ وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي¡ لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ¡ وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ» أخرجه مسلم¡ ومن صعوبة المسؤولية أن تحدّياتها تتطوّرُ على ممرّ الزمان¡ فلا يمكن أن ينجح قائدٌ إذا استنسخ تجربةَ قائدٍ آخر واكتفى بذلك في تسيير مهامه¡ فللناس في كل حقبة مستجدات ووسائل كثيرة يجب على من عايشها أن يتعاطى معها بحسب ما تستلزم¡ وبناءً على ما تقدم ينبغي أن يستصحب المسؤول في مسيرته النقاطَ التاليةَ:
النقطة الأولى: التحلِّي بالقوة والأمانة فالمتطلّبات الخاصة بالمسؤولية يعود أغلبها إلى خصلتين عظيمتين هما: القوة والأمانة¡ وهما ركنا الولاية¡ ويظهر تحلّي الملك سلمان ووليِّ عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان سلمهما الله تعالى بهما¡ فلم يُزعزعهما ما لاقياه من مناوأةِ دولٍ لم تدّخر وسعاً في زعزعة مواقفهما¡ ولم يتأثر عطاءهما باستماتة أطرافٍ إقليميةٍ ودوليةٍ في اعتراضِ كُلِّ طريقٍ سلكاها نحو الارتقاء بالمملكة إلى آفاق التقدّم¡ ولم يثبّط عزيمتَهما الصارمةَ تهويلُ الـمُهوّلين¡ وتحالفُ المناوئين¡ بل صمدا كجبلين أشمّين¡ ولا تخدش في الجبال سهامُ الرّماة¡ واستمرّا في العمل الدؤوب وفق ما هو صالح البلاد والعباد¡ والطّيْبُ لا يُستغرب من معدنه¡ ولقد كان كُلٌّ منهما كما قال القائل:
ثابتُ الجأشِ في الخُطُوب وَقورُ ... ثاقبُ الرأيِ في العزيمةِ ماضِ
النقطة الثانية: إذا أردت أن تكون عند حُسْنِ ظنّ الملك ووليِّ عهده سلمهما الله تعالى فلتكن ممن يَرِدُ مواردَ الحقّ والنّظام مُتفانياً في تحصيلِ مصالح الناس¡ ودرء المفاسد عنهم¡ ولا تخشَ في سبيل تحمُّلك لمسؤوليتك تغريدةَ مُغرّدٍ¡ ولا هاشتاقَ مُهشتقٍ¡ ولا حملةً خارجيةً مُغرضةً¡ وإن كانت الأخرى فصفةُ الجبن (أعزّك الله عنها) لا تتوافق والرجولة¡ فضلاً أن تتوافق والمسؤولية¡ وإذا كانت تغريدةٌ أو ثنتان أو ثلاثٌ بمثابةِ سوطٍ يُلْهِبُ ظهرك¡ فاعلمْ أنك لن تعمل وفق المسار الصحيح¡ بل سيكون عملك وليدَ الضغط الذي تستشعِرُهُ¡ ولا يُلائِمُ ما يأَملُهُ ولاةُ الأمر منك¡ وحيث يُؤثّرُ فيك الجَلْدُ¡ فأبشر بكثرة الجلّادين¡ والقيادة تستدعي التّسامي عن مثل هذه الهواجس¡ والرجلُ الجديرُ بها ينبغي أن يكون كما قيل:
فَقَلِّدوا أَمرَكُمْ لِلَّهِ دَرُّكُمُ ... رَحبَ الذِراعِ بِأَمرِ الحَربِ مُضطَلِعا
لا مُترَفاً إنْ رخاءُ العيشِ ساعدَهُ ... ولا إذا عضَّ مكروهٌ بهِ خَشَعا
النقطة الثالثة: ليس المقصود بهذا أن لا تستفيدَ من نُصح النّاصح¡ وأن لا تُعيرَ الشّعب الاهتمامَ الذي يليقُ به¡ بل المطلوب أن تعملَ بإخلاصٍ وجدٍّ مُتحرّياً تطبيقَ الأنظمة المرسومة¡ وهي واضحةٌ لن يُعوزَك تحرِّيها بدقّةٍ بتوفيقِ الله¡ وإذا تحرّيتَها حسب المستطاع وجدت ضميرك مُرتاحاً لا يُكابدُ الغمَّ الذي يُصاحبُ التّقصير¡ وفي هذه الحالة احمد ربك إن سمعت من الناس الثناءَ عليك والإشادة بجهودك¡ واجعل ذلك من باب الشهادة لك بالخير¡ ولا تجعل المدح غاية تصبو إليها¡ ولا تغترَّ به¡ وإن سمعت من ينتقدك فلا يُثبّط ذلك عزمك¡ بل انظر فيما قيل فما كان فيه من صوابٍ فاستفد منه¡ وما كان من تحامُلٍ فلا تحزن لأجله¡ فرضى الناس غايةٌ لا تُدرك¡ ومن بذل الحق الذي عليه من القيام بالمسؤولية¡ لم يجرح نفسيتَه نقدُ مُنتقدٍ¡ وقد كان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يسمع بعض هذا النقد¡ ولا يَأْبَهُ به¡ وكفى مثالاً لهذا ما رُويَ من قصته مع المرأة التي حَمَلَ إليها الطعام من بيتِ المال على ظهره¡ وساعدها على طبخ الطعام لأطفالها¡ ولا تتصوّرُ أن مُسْعِفَهَا هو الخليفةُ عمر¡ فجعلت تقول: جزاك الله خيراً كنتَ أولى بهذا الأمرِ من أميرِ المؤمنين¡ فيقول: قولي خيراً إذا جئتِ أميرَ المؤمنين وجدتِنِي هناك إن شاء الله.
http://www.alriyadh.com/1785144]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]