ما زالت ثقافة الماضي القريب تعمل ولكن بفتور وتلاشٍ متسارع. قليل من الناس على السوشل ميديا من يحرم ويحلل أو ينظر للحياة المعاصرة بمنظار واحد. وإذا حدث أن صدفت مجموعة في حوار سترى أن أقلهم من يلجأ إلى ثقافة الماضي كأداة وحيدة. يمكن القول إن الاستشهادات المعلبة التي يذعن لها الناس دون اختبار أصبحت محاصرة في من بقي في قلبه حنين.
من ينظر إلى المجتمع بسطحية لن يرى سوى التغيرات المادية وكأن المجتمع حصل على تراخيص لفتح منشأة. ما يجري اليوم أكثر من مجرد استعادة سعادة فقدت يوماً وإنما استعادة وعي واكتشاف للذات. أولى الملاحظات أن المرء اليوم بدأ يتحدث أصالة عن نفسه. لم يعد يتحدث كمندوب للشيخ الفلاني أو المثقف الفلاني. جزء من آرائه من إنتاجه بغض النظر عن جودتها والجزء الآخر خليط من الآراء في عملية انتقائية تتم بمعرفة عقله لا عقل شيخه أو أستاذه. من بين الأشياء التي علينا ملاحظتها أن البضائع الفكرية والقانونية لم تعد تسوق بين الناس على اعتبار أن الماضي معيارها.
من المهم أن الإنسان بدأ يقارب قضاياه لا قضايا من ماتوا. لأول مرة تتابع حوارات حول قانونية الأشياء وعن الحقوق (حقوق الإنسان حقوق المرأة حقوق الطفل حقوق أصحاب الاحتياجات الخاصة.. إلخ) تتابع أيضاً حوارات عن شرعية الثقافات. صار الناس يدخلون في تفاصيل تنم عن وعي حديث. لم أعد أفاجأ عندما أتابع حواراً على تويتر عن ملكية الرصيف أمام بيتك. هل هو حق لك¡ لك الحق في منع الآخرين من الوقوف فيه¿ أو تتابع على القنوات الرياضية من يتحدث عن الفرق بين الأخطاء الرياضية التي يعاقب عليها الحكم والأخطاء التي تحدث في الملعب التي يجب أن تحال إلى القضاء. أو تتابع حوارات عن الحياة الفطرية. تسمع آراء قانونية وأخلاقية وبإحساس إنساني رفيع يعرف معنى أن هذا الكوكب ملك لنا وللأجيال القادمة.
هذه الحوارات لم تولد بين ليلة وضحاها. هذا الأمر يعني أن الإنسان السعودي كان دائماً يعيش في العصر بغض النظر عما كان يدور في السطح من ضجيج. ثمة حياة معاصرة كانت تترعرع خارج سلطة الرأي الواحد الذي ران على الأصوات.
يرى البعض أن هذا التغير والتطور النوعي يعود الفضل فيه إلى تويتر. ولكن الحقيقة الأمر أن هذا التطور النوعي يعود الفضل فيه إلى الأمير محمد بن سلمان الذي أزال السقف السميك الذي يمنع الاتصال بالنور.
http://www.alriyadh.com/1795827]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]