لا يكفُّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن ممارسة ألاعيبه السياسية وقفزه غير المحسوب على كل قيم وأعراف السياسة والمبادئ الدولية. وهو دور بات من الاستفزاز والاستخفاف والضحالة ما يجعله مصدر فوضى وتهديد للأمن والسِّلم الدوليين. فالمتتبّع لمسلكيّات هذا الرئيس يجد أن القاسم المشترك المترجم لاندفاعاته ومغامراته غير المدروسة ولا متوافقة مع أبجديات العمل السياسي الرصين هو الضحالة والبراغماتية في أبشع صورهاº البراغماتية ذلك المبدأ الذي أسّس له نظرياً وليم جيمس ونادى فيه أنّ القيم والأخلاق ليستا ضرورية في إطار تعاملاتنا السياسية والاقتصادية وشتى التعاملات. وقد طبّق الرئيس التركي هذا المبدأ وتمثّلَهُ بشكل كامل دونما رادع مِنْ قيم أو أخلاق أو حتى اعتبار للاتفاقيات الدولية. كل هذا يمارسه مدفوعاً بأطماعه وأحلامه الأسطورية غير القابلة للتحقُّق في خيرات ومقدّرات الدول المحيطة بتركيا سعياً في تحقيق الإمبراطورية العثمانية الآفلة والتي لفظها الزمن في مزبلة التاريخ.
وما يقوم به أردوغان من عملية تدوير للإرهاب بات لا يطاق ولن يقف المجتمع الدولي الساعي للأمن والاستقرار موقف المتفرّجº فالقرارات الصادرة من مجلس الأمن القاضية بتهدئة الأوضاع في الدول المتوترة وما استتبعها من قرارات تقضي بعدم تأجيج الصراعات أو القيام بخروقات أمنية في مناطق الصراع حريّة بالتطبيق والامتثالº إذ لم يعد العالم غابة تسودها الفوضى وشريعة الغاب.
وحين نشير إلى عملية تدوير الإرهاب في الدول العربية فلا ننطلق من فرضيات أو توقعات بل هي حقائق ومشاهد باتت من الوضوح الجلاء ما يجعلها حقيقة مزعجة وباعثة على القلق والضجر وتستدعي أن يقف العالم بأسره وقفة جادة لا مداورة فيها ولا تراخيº فالسلم الدولي مطلب ضروري وغير قابل للمهادنة أو التسويف أو حتى منح الفرص للمغامرين من الساسة الذين تجرّدوا من النٌّبل وفروسية التعامل والتعاطي مع الشؤون الحياتية بكافة شجونها ومتاعبها ومفارَقاتها.
ولعل ما يقوم به الجانب التركي بقيادة رئيسه المرتبك من تأجيج للصراع الذي بدأه في سورية وقام بنقله إلى من حوله والآن يحاول تكريسه في الجانب الليبي حيث يسعى هذا القطْر الشقيق إلى لملمة جراحه وإعادة التوازن لمناطقه بعد حالة من الفوضى والاقتتال الذي كان وقوده المرتزقة ولصوص النفط وعبدة الأطماع والشهوات الذين لا يرقبون في شعوبهم إلاًّ ولا ذِمّة.
وقد لقي هذا التدخل السافر موقفاً رافضاً للابتزاز سواء من المملكة التي تنحاز دوماً بحكم محورية دورها العربي والإسلامي إلى كل قضية عادلة لا تدفعها أطماع ولا مصالح ولا ذرائعية مقيتة.
ومن المؤكد أن الشعب الليبي بتاريخه النضالي المشرّف لن يرضى الهوان لأرضه ومقدراتهº وهو موقف يدعمه فيه الشرفاء من كل الدول الذين يراهنون دوماً على خيرية الإنسان ونماء الأوطان في أي بقعة من عالمنا الفسيح المتراحب.




http://www.alriyadh.com/1797592]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]