القدس باتت قضية المتاجرة الأولى لدى كل تيارات الإسلام السياسي¡ لم أستغرب موقف حركة حماس «الإخوانية» وزعيمها إسماعيل هنية¡ الذي زار طهران للتعزية في مصرع الإرهابي قاسم سليماني¡ قائد ما يسمى فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني¡ ووصف مصرعه بأنه «استشهاد دفاعًا عن القدس»..
إذا كان ديننا الإسلامي قد تعرض لأبشع حملة تشويه وافتراء - مع الأسف - على يد بعض أبنائه والمحسوبين عليه - اسمًا لا عقدًا - حتى أصبح "متهمًا" بالإرهاب¡ رغم أنه دين السلام الأول¡ بما جنته أيدي وعقول البعض منه من جرائم ومن افتئات على سماحته وعظم قيمه ورسالته¡ بزعم الانجرار وراء أوهام خادعة ومزاعم دنيوية باسم استعادة حلم الخلافة¡ حتى بات الواقع المخجل في العقود الثلاثة الأخيرة¡ يشير بكل حزن وألم¡ إلى أننا كمسلمين بتنا الأمة الوحيدة تقريبًا التي تقتل فيما بينها¡ وتتفرق مذاهبها في مستنقع الطائفية البغيضة¡ وتتلوث أياديها بالدم فيما بينها¡ حتى أصبحنا نرى القاتل مسلمًا¡ والقتيل مسلمًا.. والأبشع أن المحرض والممول يدعي الإسلام أيضًاº لنكون بالتالي أمام أقذر عملية سمسرة وتجارة باسم هذا الدين الحنيف الذي هو من أفعال البعض منا براء.
القضية الفلسطينية - مع الأسف - الشديد¡ كما الوصف السابق¡ وبالذات القدس المحتلة¡ تلك المدينة التي لم تشفع قداستها في أن تسلم من سوق النخاسة السائدة في عالمنا العربي¡ والتي جعلت منها جماعات وتيارات - بل ميليشيات - التأسلم السياسي قبلة لكل المزاعم وادعاءات الجعجعة بالتحرير من براثن العدوان الصهيوني¡ وبدلًا من النوايا الصادقة والأعمال الجادة¡ كانت فقط الشعارات الرنانة¡ وجهاد "المايكروفونات" الفاضح في أكثر من عاصمة¡ والأفدح أن ادعاءات تحريرها كانت وسيلة للتعمية على انقسامات الصف الفلسطيني قبل العربي.
ولأن القدس باتت قضية المتاجرة الأولى لدى كل تيارات الإسلام السياسي¡ لم أستغرب موقف حركة حماس "الإخوانية" وزعيمها إسماعيل هنية¡ الذي زار طهران للتعزية في مصرع الإرهابي قاسم سليماني¡ قائد ما يسمى فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني¡ ووصف مصرعه بأنه "استشهاد دفاعًا عن القدس"! مع أن أي عاقل يمكنه التساؤل عما قدمه فيلق القدس هذا للقدس ذاتها¡ أو للقضية الفلسطينية بعمومها.. قائد فيلق القدس¡ لم يطلق رصاصة من أجل القدس.. ولم يقم بأي عمل تجاه إسرائيل الدولة المحتلة للقدس¡ مثله مثل كل تيارات الإسلام السياسي التي صدعت رؤوسنا خلال فترة تسلطها على شعوبنا العربية إبان فوضى ما يعرف بـ"الربيع العربي"¡ وصدرت لنا شعارها الزائف "شهداء بالملايين.. على القدس رايحين".. ومع الأسف لم يحدث سوى العكس¡ كلهم أخطأوا البوصلة¡ وصوبوا بنادقهم وتفجيراتهم وقنابلهم وجرائمهم وإرهابهم نحو الداخل العربي¡ بل إن أحدًا من أبنائهم لم يذهب للقدس¡ كما أن كل منظريهم ومفتيّ أفكارهم الضلالية¡ كانوا يحرضون الشباب المخدوع على الجهاد في سبيل الله¡ ودعم القضية¡ ونصرة القدس¡ دون أن يرسلوا أيًا منهم ليتقدم صفوف هؤلاء المخدوعين¡ وأيضًا صدروا فتاواهم الانتحارية بزعم الذهاب للجنة واقتناء الحور العين¡ وتأخروا هم للتمتع بالدنيا وقبض شيكات التمويل "المقطرنة" قلوبها وجيوبها!
مجرم عتيد مثل قاسم سليماني ودولته الصفوية¡ ولغ في الدم العربي في سورية والعراق واليمن ولبنان¡ تجد له مجالس العزاء وضرب الصدور وشق الجيوب واللطميات من قبل ميليشيات التأسلم السياسي بكل أصنافها الطائفيةº لأنها كلها خريجة مدرسة واحدة هي المتاجرة الدينية¡ والنواح المطعم بقبض ثمن العار الأخلاقي على الأقل.. هذا العار الذي دفع جماعة كـ"الإخوان" وتلاميذها في المنطقة لتظهر بوجهها القبيح من أجل حلم الخلافة المزيف¡ وهو الوهم نفسه الذي تسعى إليه إمارة غزة وحركتها في "حماس"¡ التي يمكن القول إنها طعنت الحلم الفلسطيني في مقتل¡ وقدمت لإسرائيل ما لم تحلم به¡ وهي الطعنة نفسها التي قدمتها ميليشيات الحشد الشعبي في العراق¡ واقتات عليه حزب الله في لبنان¡ وجسدها الإرهاب الحوثي باليمن.. كلهم ضد مفهوم الدولة ونظرية سيادتها ووحدتها.. حتى خليفتهم العثماني الطامح لاستعادة وهم الإمبراطورية الاستعمارية يتاجر بالقدس¡ وهو صاحب أوثق العلاقات بالمحتل الإسرائيلي¡ وكانت دولته من أولى الدول التي اعترفت بالكيان الصهيوني عام 1948 - بل هو نفسه اعترف بها عاصمة لإسرائيل - مع أن الطريق إليها أقرب كثيرًا من إرسال جنوده إلى ليبيا لمساندة الفصيل الإخواني من جماعته في طرابلس.
مع الأسف طالما هذه هي العقليات المتنكرة التي تتسلط على المخدوعين منا¡ تشيد بالقاتل¡ وتعتبر المجرم شهيدًا¡ وتستقوي على الضعفاء من شعوبهم¡ فلن تتحرر القدس أبدًا¡ وما دامت عقولنا لم تتحرر من أحاديث الإفك هذه¡ وما دام هناك من يتاجر بالدين وبمقدساته¡ وطالما هناك مخدوعون بلهاء يشاركون في مراسم الخداع دون أن يفيقوا أو يكتشفوا أنهم هم أولًا من يدفع الثمن.
http://www.alriyadh.com/1800956]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]