الوقت هو الحياةº وجميع الناجحين يشتركون في صفات من أهمها حسن استثمارهم للوقت¡ ووضع الأولويات¡ والانضباط الذاتي الذي يجعل الشخص يكتسب العادات المفيدة بكل ما لها من قوة وتأثير على النجاح..
تعلمت من القوات الجوية أن الوقت لا يقاس بالساعات والدقائق فقط¡ لكن بالثواني أيضاً¡ ومن الأمثلة على ذلك الإيجاز الصباحي الذي يبدأ به السرب نشاطه¡ فالحضور إلى قاعة الاجتماعات يتم قبل الوقت بدقيقتين¡ ثم يعلن مقدم الإيجاز أنه بقي على البدء ثلاثين ثانية ثم عشر ثوان¡ بعدها يبدأ العد التنازلي فيقول: (خمس¡ أربع¡ ثلاث¡ اثنان ثم واحد) وعندها يضبط الجميع ساعاتهم ويغلق الباب ويبدأ الإيجاز¡ ولا يسمح لأحد بالدخول إلى غرفة الاجتماعات بعد ذلك¡ وهكذا يحدد الوقت للإقلاع والوصول إلى الهدف والتزود بالوقود وغيره من الأنشطة في الجو والأرض¡ وهذه ثقافة اكتسبتها قواتنا الجوية من القوات الجوية التي سبقتنا¡ وأصبحت علامة فارقة يعرف بها من ينتمي لهذه القوات الفتية.
هذه المقدمة ضرورية للإجابة عن السؤال الذي هو عنوان المقال¡ فماذا يعني لنا العام 2020¿ وكيف نستفيد من أيامه وساعاته ودقائقه وثوانيه¿ أيام محسوبة من أعمارنا ستمر سريعاً كما مرت أعوام سابقة¡ فهل نستثمر ما بقي من هذا العام للمزيد من القوة لنا كأفراد وأسر ومؤسسات ودول¿
دول العالم في سباق وتنافس محموم¡ وما لم يكن لدينا خطط مسبقة لاستثمار الوقت المتوافر خلال أربع وعشرين ساعة في اليوم فإن أموراً أقل أهمية ستحتله¡ خصوصاً مع ثورة الاتصالات وما تحمله من ألعاب ورسائل أكثرها مكرر وغير صحيح¡ ولا يعني هذا أن نشغل أنفسنا في كل وقت¡ لكن علينا أن نضع جداول يومية لإنجاز الأهم ثم المهم¡ وأن نضع أهدافاً ننجزها خلال هذا العام لتكون حافزاً للمزيد من النجاح¡ وليكون العام 2020 أفضل أعوامنا.
قبل أعوام وجهت سؤالاً إلى طلبة المرحلة الثانوية عن حرب تحرير الكويت¡ فقلت لهم: تذكرون حرب تحرير الكويت¿ أجابوا بالنفي¡ والحقيقة أن أياً منهم لم يولد في ذلك الوقت¡ بعدها التفت إلى المعلم وسألته إن كان يتذكر¡ أجاب بالنفي أيضاً¡ حينها أدركت كيف تمر السنين سريعاً¡ وهو ما يعني ضرورة أن نضع الخطط لأعوام كثيرة قادمة¡ ومنها التفكير في مختلف مراحل العمر¡ ومنها ما بعد الخمسين والستين¡ ذلك أن العمر يمضي سريعاً¡ وكم كانت صدمة بعض الزملاء الذين تقاعدوا ومنهم من لم يمتلك بيتاً¡ أو ما يكفي من المال لمتطلبات الحياة¡ وبعضهم تواكل واستهان بالأخذ بالأسباب فأهمل الصحة¡ ودفع الثمن غالياً فيما بعد.
حين أقول لطلبة السنة التحضيرية في الجامعة أو طلبة الثانوية: عليكم أن تفكروا فيما بعد التقاعد يستغربون¡ وبعضهم يقول دعنا نتخرج ونعمل أولاً¡ فأقول لهم: الوقت الذي أتحدث عنه يأتي أسرع مما تتصورون¡ ثم إن التخطيط المسبق والبعيد يعطي نتائج باهرة¡ إنه يعني أن نحافظ على ما سنحتاج له في قادم الأيام حين نكون بأشد الحاجة إليه¡ ومنه الصحة تاج كل متعة¡ وتكوين أسرة نعتز بها¡ وتصبح مصدر فخرنا وسعادتنا¡ وسندنا والمعين بعد الله على مصاعب الحياة. التخطيط يعني أن نجتهد في شبابنا لتوفير ما نستطيع من المال¡ واستثماره ليكون مصدر خير لنا ولأسرنا ومجتمعنا¡ وأختصر فأقول: "نتعب في الصغر لنرتاح في الكبر".
التخطيط للعام 2020 يجب أن يشمل على الأقل المجالات والأنشطة الآتية:
أولاً: الصحة يجب أن يكون لها الأولوية¡ ذلك أنه بدونها نفقد القدرة على العطاء والاستمتاع بمباهج الحياة وأنشطتها المختلفة¡ بل ويصبح الشخص فيما بعد عالة على غيره¡ ومهما دفع من المال فلن يستعيدها¡ وللمحافظة على الصحة شروط من أهمها أن ندفع أقساطها من الرياضة اليومية من دون تأخير¡ والشرط الثاني الانضباط الذاتي فمع قوة الإرادة نستطيع أن نبتعد عن كل ما يهددها وخصوصاً السمنة وما تحتضن من أمراض¡ والتدخين بكل أنواعه ومسمياته.
ثانياً: القوة في هذا الوقت سواء للأفراد أو الدول لما تنتجه العقول وليس ما يستخرج من الحقول¡ والعقول بحاجة إلى رعاية بحفظها من مما يهددها من كسل¡ وتواكل ومخدرات بكل أنواعها¡ وتغذيتها بالقراءة¡ والتفكير الناقد¡ والبحث عن الحلول المبتكرة والتطبيقات التي تحفل بها الثورة الصناعية الرابعة وما بها من ذكاء اصطناعي بكل ما يحمل من مفاجآت¡ ومما ينشط خلايا المخ تعلم فنّ أو حرفة أو لغة جديدة في كل عام.
الوقت هو الحياة وجميع الناجحين يشتركون في صفات من أهمها حسن استثمارهم للوقت¡ ووضع الأولويات¡ والانضباط الذاتي الذي يجعل الشخص يكتسب العادات المفيدة بكل ما لها من قوة وتأثير على النجاح.




http://www.alriyadh.com/1801905]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]