قبل أيام قلائل رُفع الستار أخيرًا بشكل رسمي عن مخطط المدينة الإعلامية بالرياض المزمع تدشينها بمنطقة السفارات¡**مشروع ينتظره العاملون في المجالات الإعلامية بفارغ الصبرº ليشكل نقطة تحول في تاريخهم المهني بالتزامن مع رواج متوقع وازدهار في الصناعة¡ وفي واقع الأمر فكرة المدينة ليست وليدة اللحظة¡ بل تناثرت حولها الأقاويل منذ العام 2016¡ إذ تحدث عنها وزير الثقافة والإعلام آنذاك د. عادل الطريفي بوصفها ضرورة لتأمين بيئة عمل إعلامية وإضفاء الصفة التنظيمية عليها¡ وبالتزامن مع الدورة الأولى لمنتدى الإعلام بالرياض في ديسمبر الماضي¡ عاد وزير الإعلام تركي الشبانة لذكرها مذيلًا حديثه بكلمة "قريبًا".. وها قد حانت اللحظة¡ وبدأت الخطوات الجدية والتي قادها وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة مشروع "المدينة الإعلامية " الأمير بدر بن عبدالله¡ بتوقيع عقود وشراكات مع المؤسسات الإعلامية التي تعتزم اتخاذ مقرات حديثة لها بالمدينة¡ إضافة إلى فرص العمل ومساحات التعبير الرقمي والمطبوع والمُتلفز المتوقعة لدى افتتاح المدينة.**
هل لم تكُن لدينا سابقة إنتاجية في المحتوى الإعلامي على تنوّع مشاربه¿! بالتأكيد لا¡ ولكن الأمر كان أشبه بتوكيل إنتاج محتوى إعلامي¡ ولكن خارج حدودنا¡ يتميّز بصفة العمومية¡ ويتوجّه برسائله للجمهور العربي العام في المقام الأول¡ والمواطن السعودي يأتي ثانيًا.. لأسباب ما¡ أو لأخرى¡ كان هذا مقتضى الحال¡ وبالرغم من الحديث عن حلم المدينة الإعلامية السعودية قبل سنوات¡ أرى أن الخروج بالإعلان عن تدشينها في هذه اللحظة موفّق تمامًا¡ ففي حين استضافت المملكة سلسلة فعاليات ترفيهية كانت حديث العالم على مدار العام السابق¡ وإتمام صناعة الترفيه من الألف إلى الياء بداية من التخطيط¡ وصولاً إلى التنفيذ على أعلى مستوى¡ داخل الحدود¡ وبحضور الآلاف من المواطنين¡ فضلاً عن مئات الضيوف¡ يأتي الإعلان عن تدشين المدينة الإعلامية من دائرة الإنجاز لا سواها.**
بالتأكيد كانت المرحلة التي كان المحتوى الإعلامي يصنع فيها بالخارج خطوة تمهيدية ومهمة¡ لكن آن الأوان¡ أن يكتسب المحتوى صبغة محلية ويصنع داخل بلاده¡ وبإبداع أبناء المملكة¡ فالحديث عن المفاوضات والاتفاقات المبدئية للمدينة الإعلامية يحجب الحديث عن فرص أكثر أهمية في هذا الصدد¡ تتمثل في فتح المجال للكوادر والمواهب السعودية في المجال الإعلامي على مصراعيه¡ وإتاحة الفُرصة لصُنع محتوى ثقافي مماثِل¡ وقادر في الوقت نفسه على فرض نفسه وتصديره عربيًا وعالميًا.
لا شك أنه على مُستوى الشرق الأوسط¡ والعالم بالتأكيد¡ هناك نماذج تحتذى عديدة لمدن إعلامية مثّلت قبلة وبؤرة ثقافية إقليمية¡ واستقطبت لمُدنها عشرات الفرص الاستثمارية من شركات إعلامية عالمية رائدة¡ ولعل مدينة دُبي للإعلام في وضوح رؤية القائمين عليها¡ ونشاطهم المستمر¡ خير نموذج¡ ولكن على ذلك¡ تكمُن مُعادلة النجاح في المدينة الإعلامية بالرياض في تمسُكها بخط واضح¡ ورؤية مُغايرة لأية مدينة إعلامية دشنت من قبل¡ جوهرها الهوية السعودية¡ ومستقاة من رؤية المملكة 2030¡ والتي تضع صناعة المحتوى¡ والترفيه¡ والتقنية¡ والترويج للسياحة في مراتب متقدمة على قائمة أولوياتها¡ لا أقول مغايرة هاهُنا¡ وأعني نشدان الاختلاف لذاته¡ وإنما أرى أن المدينة المنتظرة ابنة مرحلتها التي نحياها وأعلن عنها فيها¡ الزاخرة بالمتغيرات¡ والتي إن انطلق منها تصوُر المدينة وبرنامجها¡ ستكون جوهر تفرّدها الذي سيجعلها بمرور أعوام قلائل قبلة تقصد لذاتها¡ ولما تملكه¡ ويجعلها تختلف عن أية مدينة إعلامية بالمنطقة.
http://www.alriyadh.com/1803278]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]