أثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق منهج السلف في تحقيق الأمن الشامل¡ ومنهج السلف في هذا الموضوع كفيلٌ باستتباب الاستقرار وشيوع الأمن لانضباطه بالضوابط الشرعية التي تتضمّن تحقيق المصالح الدينية والدنيوية..
للأمن والاستقرار أهمية بالغة في عمارة الأرض¡ وهما ضروريان لقيام المصالح الدينية والدنيويةº ولأجل ذلك كان تنصيب السلطان من الواجبات الشرعية¡ ووجب السمع له والطاعة¡ وحرم نزع اليد من طاعته¡ وشق عصا طاعته¡ ووردت بذلك نصوصٌ شرعيةٌ كثيرةٌ¡ منها قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم)¡ والأحاديث في ذلك ذائعةٌ شائعةٌ¡ وهدي السلف الصالح في الالتزام بذلك معلومٌ مُدوّن¡ ومن نعم الله تعالى على دولتنا المملكة العربية السعودية أن اختارها رائدة العصر في خدمة الإسلام ونشر هدي السلف الصالح¡ ولم يدّخر ولاتها الكرام جهدًا في هذا الصدد كما هو معلومٌ وغنيٌّ عن التعريف¡ ومن أحدث الأمثلة على ذلك أن صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله وحفظه - بعقد المؤتمر الثاني في منهج السلف الصالح في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودور المملكة العربية السعودية في تعزيزه¡ ولانعقاد هذا المؤتمر أهمية كبيرة تبرز في نواحٍ متعددة تتجسّد في موضوعه ومحاوره والجهة القائمة عليه:
أولًا: علاقته بشعيرةٍ عظيمةٍ من شعائر الإسلام وهي: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ضوء منهج السلف الصالح المؤسس على سمت وأقوال أهل القرون المفضلة المشهود لأهلها بالخيرية¡ وهم الصحابة والتابعون وأتباعهم¡ فالموفق من رُزق الاقتداء بعلماء هذه الحقبة النيِّرة التي لا يُعلى عليها في أنواع الفضل والاستقامة¡ ولم تزل أتباع الفرق الناشئة وأهل الأهواء والبدع يسعون في إبعاد الناس عن منهج السلف الصالح في كل دقيقةٍ وجليلةٍ.
ثانيًا: تضمّن بعض محاوره منهج السلف في التعامل مع ولاة الأمر¡ وهذا من فقه المرحلة الذي ينبغي ألا يغيب عن مجالسنا ودروسناº وذلك لأن الأمة الإسلامية اليوم تمرُّ بمرحلةٍ كشر فئاتٌ من الخوارج وأهل الأفكار الهدامة عن أنيابهم لتمزيق صفوف المجتمعات¡ وأهم ما يحرصون عليه من ذلك هدم قواعد منهج السلف الصالح في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرº لأن هذه القواعد أسدادٌ منيعةٌ أمامهم تحول بينهم وبين برامجهم التخريبيةº ولهذا يلجؤون إلى محاولة الالتفاف على هذا المنهج¡ واستغلال** قدسية شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر العظيمة لما هي بمعزلٍ عنه وهو الشغب على الحكام ومخالفتهم¡ وإنما حرصوا على ذلكº لأنه يختصر الطريق إلى كل الشرور التي يتمنونها للأمة في دينها ودنياهاº فإن السلطان هو الوازع الذي يزع الله به الفتن¡ و"إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"¡ وبإذن الله سيُسهمُ هذا المؤتمر في التصدّي لهم وكبح جماحهم.
ثالثًا: أصول وقواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند السلف الصالح¡ وهذا ذو أهمية فإن كثيرًا من المتحمّسين لهذا الواجب الديني لا ينطلقون من حقيقةِ كونِهِ مضبوطًا بقواعد يُراعى من خلالها التوازن بين المصالح والمفاسد¡ وينظر بواسطتها إلى مآلات الإنكار¡ وإلى ترتيب الأولويات¡ ويُفرق بها بين الثوابت القطعية ومسائل الخلاف الاجتهادية¡ ومن لم يُراع هذه القواعد أوشك أن يُزيل منكرًا بمنكر¡ وأن يعالج داءً بداءٍ¡ وأن يكحل فيُعمي.
رابعًا: التزام المملكة العربية السعودية بمنهج السلف الصالح في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر¡ وهذا مشهودٌ ثابتٌ وهذه الشعيرة محلّ عناية عند هذه الدولة المباركة في كل مراحل نموها¡ وما بذلته لفقه الدعوة والاحتساب لم يُبذل مثله ولا قريبٌ منه في هذا الصّدد منذ قرون متطاولة¡ ولا يتغاضى عن هذه الفضيلة إلا من أعمى الهوى بصره¡ أو من تملَّك عليه الحسد حواسَّه فحجب عنه الحقائق.
خامسًا: أثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق منهج السلف في تحقيق الأمن الشامل¡ ومنهج السلف في هذا الموضوع كفيلٌ باستتباب الاستقرار وشيوع الأمن لانضباطه بالضوابط الشرعية التي تتضمّن تحقيق المصالح الدينية والدنيوية وتكميلها¡ ودفع المفاسد الدينية والدنيوية وتقليلها¡ فهي الوظائف التي إذا جرت على وجهها اللائق أسهمت في الأمن الوطني والفكري والجنائي والاجتماعي والاقتصادي والمعلوماتي.
سادسًا: الجهة المنظمة للمؤتمر¡ وهي الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر¡ فهذه الجهة ذاتُ خبرةٍ في هذا المجال لا نظيرَ لها¡ ويتمتع القائمون عليها بكثير من وسائل المعارف العلمية والعملية التي تُؤهلهم للقيام بهذه المسؤولية الكبيرة¡ وقد عقدت مؤتمرها الأول وكان له نجاحٌ كبيرٌ وصدى واسع¡ وعلى رأس هذه الرئاسة عالمٌ جليلٌ من علماء المملكة الراسخين في العلم المتمرّسين في العمل¡ وهو معالي الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد السند¡ ونتطلع إلى أن تتكلّل جهوده هذه بأسمى مراتب النجاح وأن تُثمر المطلوب.
http://www.alriyadh.com/1805707]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]