عندما نطلق مسمى "تاريخ" فإنه يحتمل معنيين: تفاعل الإنسان مع محيطه المكاني على امتداد خط الزمن¡ أو دراسة هذا التفاعل. ومن المعروف أن هذه الدراسة يطلق عليها في الغرب الكتابة التاريخية (historiography)¡ وهو ما أعنيه في هذا المقال. ومن المعروف أيضًا أن أرض المملكة تمتلك تاريخًا طويلاً ضاربًا بعمقه في جذور التاريخ ويتجاوز بعده التاريخي ملايين السنين. ولكن هذا التاريخ - مع الأسف - قد أهمل وتم الاكتفاء بفترة القرنين السابقين على الإسلام¡ ومع ذلك تمت تسميتها "الجاهلية" مع حاجة هذه التسمية إلى إعادة نظر كما بينت في عديد من الكتابات السابقة. ويمتد هذا التاريخ الوطني إلى العصر السعودي الزاهر¡ الذي سيستمر - بإذن الله - حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ومع عهد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - تواصل عصر النهضة السعودي¡ وانعكست هذه النهضة على تاريخنا الوطني إيجابًاº حيث تم استيعاب العصور الطويلة السابقة على الإسلام ضمن تاريخنا الوطني من خلال رؤية 2030¡ وتأسيس الهيئات المعنية بتطوير المناطق التاريخية والأثرية¡ الأمر الذي أبهر العالم بهذا العمق التاريخي¡ وجعل من المملكة منطقة جذب سياحي¡ ما سيشكل رافدًا اقتصاديًا للمملكة. وكل هذه التطورات تجاه تاريخنا الوطني سواء بمفهومه المعرفي أو الفلسفي تأتي بتوجيه مباشر ودعم من قبل خادم الحرمين وولي عهده حفظهما الله.
وأمام هذه الفرص الكبيرة نحو الارتقاء بتاريخنا الوطني تبرز عديد من التحديات¡ التي يجب على الجهات المعنية بهذا الجانب الانتباه لها. ومن هذه التحديات ذلك الفارق الكبير بين توجيهات ولاة الأمر وطموحاتهم وواقع الكتابات التاريخية لدينا¡ التي لم تنجح - مع الأسف - في الخروج من نطاق الكتابات الوصفية المكررة التي تخلو من أي بعد فلسفي أو نقدي. كما يأتي من ضمن هذه التحديات القدرة على الموازنة بين البعد الوطني والبعد العالميº حيث يغلب على هذه الكتابات التقوقع على الذات التاريخية وغياب البعد العالمي.. ومن هنا فإن الكتابة عن التاريخ الأميركي أو ترجمة كتاب عن الفكر التاريخي هناك تصب في مصلحة تاريخنا الوطني. هذه التحديات وغيرها تحتم علينا إعادة كتابة تاريخنا الوطني. وكما قال آلان سبيتزر ذات مرة¡ فإن كل جيل مطالب بكتابة تاريخه الخاص للأجيال اللاحقة. وليس هناك أفضل من هذا الوقت لتحمل هذه المهمة التاريخية الوطنية.
http://www.alriyadh.com/1806418]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]