ظهر كورونا هذا الفيروس العالمي ليبقينا محتجزين في منازلنا - لمدة قد تطول أو تقصر - ويعيد تشكيل علاقاتنا بما حولنا ومع ذواتنا ومفهومنا للحياة¡ هذا ما يرصده الخبراء الذين يتوقعون حدوث تغييرات غير مألوفة أو مقلقة ربما في حياة الدول والأفراد.
صدمة جائحة كورونا هذه - بحسب الخبراء - ستغير مفاهيم سياسيّة وثقافية وتترك أثرها¡ حتى الأنظمة الديموقراطيّة وشبه الديموقراطيّة في طريقها للتأثر قولا وفعلا بالأزمة فالأميركيون يتحدثون عن احتمال سعي "ترمب" لتأجيل انتخابات الرئاسة في نوفمبر 2020 بسبب كورونا¡ أما الروس فقد قرّر مجلس الدوما فعلا تعديل الدستور وإعطاء "بوتين بطاقة مفتوحة" لرئاسة الاتحاد الروسي حتى العام 2036 من دون أي صوت معارض.
وفي الولايات المتحدة بحسب الراصدين سيكون هناك تغيرات عميقة في الوجدان الأميركي الذي عاش ردحا من الزمن دون مشكلات كبرى حقيقيّة فتنعم بالسلام داخل بلاده والثروة الآتية من كل مكان والمستويات العالية من التقنية¡ نعم ولفترة غير قصيرة لم يعد الأميركيون قلقين كثيرا من حرب نوويّة¡ أو نقص إمدادات النفط¡ ولم يعد الإرهاب إلا شكلا من أشكال التهديد النظري كما يرى بعض المحللين¡ بل وحتى رئاسة أميركا لم تعد مكانا لبطل قومي أو خبير كبير يأتي من دهاليز السياسة مع صعود خطاب الشعبويّة وفوز "ترمب" بالمقعد البيضاوي.
على المستوى الفردي - حتى بعد أن تمرّ هذه الأزمة - هناك من يرى أن كثيرين بيننا لن يعودوا عفويين لفترة قد تطول أو تقصر¡ ومنّا من سيصبح أكثر حذرا وتوجّسا عند المصافحة أو لمس الغرباء بل وحتى حين تواجده في مكان مغلق مع آخرين¡ وفي جانب المعايشة الاجتماعيّة (ربما) سيعاني بعض من يفضّلون الانعزال نتيجة اضطرارهم إلى التواجد مع الآخرين لأوقات طويلة¡ وفي ذات الوقت سيفقد بعض من استمتعوا باجتماع الأسرة وحميميّة العلاقات التي جلبتها الأزمة هذا الحضن الأسري بعد انفراج الأحداث.
على مستوى الرأي العام العالمي ظهر (وتجلّى) مفهوم جديد للوطني الشجاع فكما قدّر ويقدّر الناس جنود الوطن على حدوده ومنافذه رأينا في وسط أزمة كورونا وطنيين شجعانا في ظروف حرجة عادة ما تكون المشاعر حولها حساسة والذاكرة الوطنيّة عنها أكثر تركيزا¡ نعم على خطوط الخطر والوقاية ظهرت مشاهد الشجعان من رجال الأمن والأطباء والممرضين والمسعفين والمراقبين لغذائنا وصحتنا وغيرهم وهم يضحّون بأرواحهم بكل إخلاص. وبلا شك ستعمّق أزمة "كورونا" أسئلة كبرى في الوجود والدين والأسرة والأخلاق¿
قال ومضى
ستمضي الأزمات وتبقى وشومها
http://www.alriyadh.com/1811946]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]