لا خلاف أنه لا تنمية دون أمن واستقرار¡ ولا أمن واستقرار دون وعي¡ ووعي أي مجتمع بجميع فئاته مرتبط وبشكل طردي مع مدى الوعي في ثقافته¡ والشائعات وتصديقها مؤشر من مؤشرات مدى وعي أفراد ذلك المجتمع. لذلك يمكننا القول إنه كلما كانت ثقافة المجتمع أكثر وعياً انعكس ذلك على أفراد المجتمع¡ واستحال استهداف ذلك المجتمع من خلال الشائعات.
سوى أنه ومع انتشار الوسائل التقنية ومواقع التواصل الاجتماعي وجد فيها من يستهدفون الوطن وأمنه واستقراره نافذة ووسيلة لإغراق المجتمع السعودي بالشائعات والتي تتناول الشأن السعودي والبعض من المجتمع لبراءته يصدّقها أو حينما توجه تلك الإشاعات المرجفة لفئة الشباب أو من صغار السن بهدف طبعاً تحبيطهم وتثبيط عزائمهم أو لتحريضهم وتجييش مشاعرهم السلبية ضد وطنهم وهذا مكشوف أمره خاصة وأن الإشاعة باتت إحدى أهم وسائل الهجوم الإلكتروني المعادي ضد المجتمع السعودي.
ورغم أن الشعب السعودي مجتمع واعٍ في عمومه وأثبتت أحداث كبرى منذ ثورات الربيع (الدم) العربي في عزّ فورة أيام موقع التواصل الاجتماعي تويتر واستغلاله كأداة ثورية من قبل دعاة الثورات والسياسة آنذاك وحتى فترة ملف قطر وقطع العلاقات مع قطر وإلى وقت أزمة كورونا حاليًا وقد مرّ على المملكة أحداث كثيرة كانت تستهدف المجتمع السعودي واستقراره ورفاهه من خلال الشائعات والأباطيل والمزاعم التي كانت تلك الأدوات التخريبية والمدفوعة تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لبث سمومها ومحاولات تمرير أجندتها وتنفيذها ورغم أن المجتمع السعودي كما أسلفت واعٍ ويدرك الكثير من تلك المهددات المحدقة بوطنه ومجتمعه وأمنه واستقراره وتنميته إلا أن إصرار بعض مصادر تلك الإشاعات المعادية والتي تستهدفنا ولا تتدخل إلا في شؤوننا والمستمرة على ذلك لا تمل ولا تكل وتراهن فيها على تصديق أي أحد لتلك الأقاويل والإشاعات المغرضة والمرجفة يجعلنا نؤكد على أهمية تعزيز الوعي "بثقافة المصدر" والعمل على تشكيلها على النحو المطلوب مطلب وضرورة وواجب حتى يأتي ذلك اليوم الذي تتوقف فيه تلك الإشاعات والسموم المبثوثة على الأجهزة وسرعان ما تؤكد المصادر الرسمية عدم صحّتها.
لذلك أحسنت رئاسة أمن الدولة ومن منطلق مسؤوليتها وإدراكها في التنبيه وتوعية أفراد المجتمع من خلال تغريدة حول خطر الشائعات كمهدد أمني ومن أخطر المهددات التي يفترض أن يتحمل مسؤوليتها كل فرد في وعيه الشخصي وكل مسؤول من موقع مسؤوليته الفردية أو المجتمعية أو المؤسسية وفضلاً عن ذلك يأتي الدور الأكبر والذي يقع على عاتق الواعين في المجتمع الذين لا يجب من منطلق واجبهم ومسؤوليتهم الوطنية أن يقفوا كمتفرج ليس أكثر¡ ومنهم المثقفون الذين يكرسون نقدهم لهذه الشائعات¡ ليس من خلال بعد اجتماعي ولكن من خلال انتقاد درجة الوعي التي يتمتع بها أفراد المجتمع¡ وهنا الأزمة لأن المثقفين في المجتمع والمهتمين بمحاربة الشائعات والخرافات يحاكمون الإشاعة والخرافة¡ ولا يحاكمون درجة الوعي وأسبابها¡ وخير مثال على ذلك أنه عندما ينتشر وباء مرضياً لا ينتقد المرض بل تفتح المراكز والمستشفيات لاستقبال مرضى ذلك الوباء¡ إضافة إلى تكريس البحث العلمي لإيجاد علاج لهذا الوباء¡ الشائعات والخرافات ليست سلبية لأنها فقط تنتشر بين الناس وتثير قضايا تؤثر على المجتمع¡ الشائعات والخرافات سلبية لأنها تبدأ بإيمان مواطن فرد بأهميتها فيقوم بنقلها مع درجة عالية من الإيمان بهذه الخرافة إلى آخرين فتتدحرج ككرة الثلج لتبلغ أقصى نقطة في المجتمع حيث الوطن الكبير.
وصحيحٌ أنّنا لم نكن نلقي بالاً للذين يتحدثون عنّا¡ أو عن السعوديين كمجتمعٍ¡ أو عن السعودية بمساراتها السياسية والتنموية¡ لكن حين تكون بعض تلك الأقاويل تتداول لدى بعض أفرادٍ من المجتمع ذاتهم فإنه من الضروري أن نُنبّه الناس إلى أن "مصدرية الخبر" ضرورية¡ وأن الخبر الذي يكون غفلاً من المصدر الرسمي فإنه يطوى ولا يروى. ولتكن الأدوات التقنية¡ أو مواقع التواصل الاجتماعي خارج نطاق نشر أي كذبةٍ أو شائعة¡ وأن نشغّل "فلاتر النقد" وحسنا الوطني الذي يُطّهر الأذهان من أي شائبةٍ خبريّة أو أي شائعةٍ مغرضة في وطننا وبالتالي فينا نحن أبناء هذا الوطن الكبير ومهما كانت صياغتها محكمة وقديماً قالت العرب: "وما آفة الأخبار إلا رواتها".
http://www.alriyadh.com/1817175]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]