المسافة بين (الحسن) و(القبيح) كبيرة وواسعة ولكن تبقى المسافة نسبية من وجهة النظر الإنسانية باعتبار أن ذلك يدخل في موازين تتعلق بالنفس والقلب والثقافة.. كذلك فإن المسافة بين (الوفاء) و(الجحود) تخضع لنفس المعايير ولكن باختلاف واحد هو أن البشر جميعاً لم يختلفوا حول كلمة (الوفاء).. فقد كان الوفاء من (الرموز) الغالية التي مجدها البشر خلال تراثهم الطويل.. وبقي الوفاء (عملة) لا تفقد أبداً بريقها أو قيمتها في الماضي أو في المستقبل.
الوفاء.. هو الوفاء عند الطفل.. الرجل.. المرأة.. الصديق.. أن من (يتذكر) يداً امتدت له أو صنيعاً قدمه إنسان.. هذا التذكر وعدم النسيان هو الوجه الآخر للوفاء.. أما الوجه الأول فيتمثل في هذا السلوك المغلف بالحب والود تجاه من نعرف.. وتجاه من ضحوا.. وتجاه من قدموا المعروف دون مقابل.. عندما يحتاج أي إنسان إلى الوقوف بجانبه ويجد هؤلاء الذين وقف معهم ذات يوم إلى جانبه ساعة الشدة فإن ذلك يعد موقف (وفاء) الصديق الذي يدافع عن صداقته.. المرأة التي تدافع عن بيتها.. الابن الذي يسهر الليل بجوار أب وأم مريضين أنهكتهما السنون.. هو صورة (للوفاء).
إن كثيراً من (صور الوفاء) قد تهتز لدى البعض لسوء فهم من الطرف الآخر أو ولعدم تقدير المواقف. ولكن يبقى (الوفاء) هو المعدن النفيس الذي لا يتغير ولا يتلون خاصة إذا كانت النفس التي تحمله من نفس مستوى (النفس) و(القيمة)¿
ولأن الوفاء من هذه الوجهة يعتبر معدناً نادراً إلا أنه سيظل (الشيء) الإنساني الوحيد الذي يخص طرفين أحدهما فعل والآخر رد فعل.. فإذا لم يكن رد الفعل مساوياً أو قريباً من الفعل فإن المسافة هنا تتسع ليصبح الأمر (جحوداً).. وهو (قبح) نرى أن الإنسان أياً كان (إنساناً) فإنه لا يرضى أن يلبس قناع القبح هذا.. مهما كان الثمن. ومهما كانت التكاليف.
ولعنا في هذه الوقفة نتحدث عن الوفاء للوطن ومن صنعوا تاريخه أن الوفاء في هذا الجانب يعطي المعنى الحقيقي للوفاء.. فالوطن هو الذي يمنحك القوة والقدرة على تجسيد وفائك للناس والوطن.. وكل دروب الخير¡ فما أجمل أن تكون وفياً لمن أحبك ومنحك من وفائه الشيء الكثير. ومن الوفاء أن أقول لكل الأصدقاء والمتعبين والمحبين كل عام وأنتم بخير والوطن بخير¡ فهذه قمة الوفاء.
إشارة.. أتذكر هنا من لوحة الوفاء التي سطرها الأستاذ إبراهيم التركي في الجزيرة قبل أيام عن المعهدين اللذين درس فيهما معهد عنيزة ومعهد الإدارة أن ذلك قمة الوفاء.
http://www.alriyadh.com/1823085]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]