رواية للكاتب اليوغسلافي إيفو أندريتش الحائز على جائزة نوبل العام 1961 الذي عرف بروايته الأشهر جسر على نهر درينا¡ التي قرأتها قبل أعوام كثيرة ولا أتذكر مدى تأثري بها¡ لكن حين قرأت هذه الرواية وهي جزء من ثلاثية تتضمن رواية جسر على نهر درينا قلت لنفسي هذا كاتب يضاهي كتاب روسيا العظماء ولا أدري لماذا تحديداً ذكرني بكتاب روسيا¡ الأجواء أم الشخصيات التي رسمها بعناية فائقة أم الطول¿ استمتعت أشد الاستمتاع بهذه الرواية. أذهلتني قدرة الكاتب على الحديث عن أمور حدثت في القرن السابع عشر بسلاسة وبشكل يجعلك لا تشعر أنك تقرأ رواية تاريخية¡ بل أحداثاً معاصرة.
كيف رسم المدينة وناس المدينة¡ كيف تحدث عن الشخصية الرئيس في العمل وهو القنصل الفرنسي الذي كان أول قنصل فرنسي يأتي لهذه المدينة الصغيرة التي اختلفت ردات فعل مواطنيها تجاه القنصل باختلاف دياناتهم¿
إيفو أندريتش ولد في البوسنة لأسرة كاثوليكية¡ ويعتبر نفسه من صرب البوسنة¡ لكن في هذه الرواية لا تستطيع أن ترى ميلاً لدين ضد دين¡ في أحداث الرواية كانت البوسنة يحكمها الأتراك. وهو يصف الوزير التركي الذي يحكم المدينة من وجهة نظر القنصل الفرنسي. لا يبالغ في الانتقاد ولا يبالغ في المدح. الصفات التي يطلقها على شخصياته واقعية جداً ودقيقة جداً¡ وطريقة تعاملهم مع الأحداث يرويها من دون إضافة رأي¡ وعليك أنت كقارئ أن تكون رأيك الخاص.
الرواية ترجمها سامي الدروبي¡ وهو المشهور بترجمة الأدب الروسي¡ ربما كان هذا عاملاً آخر جعل العمل يذكرني بالروايات الروسية¡ لكنها ترجمة بديعة ككل ترجمات الدروبي.
هناك أيضاً خفة ظل في الرواية بالرغم من كونها تاريخية وشخصياتها حقيقية وأندريتش قرأ كثيراً عن كل ما يخص تلك الفترة¡ وقرأ حتى الرسائل والتقارير التي كتبها دافيل القنصل الفرنسي ومساعده حين كان دبلوماسياً يعمل في باريس. ولعل عمله الدبلوماسي في عدة بلدان ساعدته على فهم وتقمص شخصية القنصل سواء الفرنسي أو النمساوي¡ والتعبير عن القلق والمشكلات التي واجهته.
رواية وقائع مدينة ترافنيك رواية عظيمة¡ أتمنى أن يعرفها ويهتم بقراءتها محبو الأدب والروايات.




http://www.alriyadh.com/1825719]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]