نعيش اليوم كسعوديين - ولله الحمد - في دولة كبيرة وفرت لنا الكثير من مقومات الحياة الكريمة¡ بل وجعلت من أرضها قبلة للباحثين عن هذه الحياة¡ بحيث أصبحت تمثل «أرض الأحلام» للكثيرين. وما من شك أن بناء هذا الوطن لم يكن أمراً ميسراً ومن خلال طريق مفروش بالورود.. بل كان هناك الكثير من التضحيات التي بذلها مؤسس هذا الكيان الشامخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - ورجاله.
مثل هذه الحقيقة التاريخية لا بد أن تكون حاضرة في تعاطينا لتاريخنا الوطني قراءة وكتابة وتدريساً. ولا بد من زرعها في أذهان أطفالنا¡ وأذهان الأجيال الشابة التي ربما لا تعرف مثل هذه القصص البطولية والتضحيات. فلكي ندرك قيمة الدولة وأهميتها في حياتنا لا بد من النظر إلى حياة ما قبل الدولة. فكان هناك انعدام للأمن لعدم وجود وحدة سياسية شاملة قادرة على توفيره. ومن هناك كانت الحروب والغارات شبه المستمرة التي جعلت الإنسان لا يأمن على نفسه ناهيك عن المحيطين به.
وكانت الحروب وما ترتب عليها من أعمال سلب ونهب. وقد ترتب على هذه العمليات أحياناً وقاد إليها أحياناً أخرى انتشار الجوع. ومن الطبيعي ألا تكون هناك رعاية صحية متقدمة. فقد كان الناس يموتون لأتفه الأسباب. أما التعليم فكان محصوراً في أسر قليلة وبشكله البدائي المتمثل في الكتاتيب وبعض الكتب. ولم يكن بطبيعة الحال هناك أي شيء من كماليات الحياة.
أما اليوم¡ فها هي الدولة - حفظها الله - توفر الأمن بشكل منقطع النظيرº حيث يسافر الإنسان متى شاء وأين شاء دون خشية على نفسه أو أسرته. كما توفر الدولة لمواطنيها المستوى المعيشي المرتفع والكريم الذي يجعل الإنسان السعودي من أفضل سكان العالم المعاصر في المستوى المعيشي. وهذا بدوره جعل حلم الكثيرين حول العالم العمل أو العيش في المملكة. وها هو الإنسان السعودي ينعم برعاية صحية متقدمة. أما التعليم فتعتبر المملكة الدولة الرائدة عالمياً في موضوع الاستثمار في تعليم أبنائها¡ سواء كان ذلك عن طريق الجزء الكبير جداً من موازنة الدولة التي تقدمه لوزارة التعليم¡ أو من خلال جهود الوزارة في تطوير التعليم والرقي به¡ أو من خلال برنامج الابتعاث بحجمه ومراحله وفئاته المستهدفة.
ولكن يجب ألا يكون النظر إلى قيمة الدولة من زاوية الخدمات التي تقدمها للمواطنين فقط¡ فوجود الدولة اليوم هو ضرورة من ضروريات النظام العالمي¡ وهي الوحدة السياسية المعترف بها. كما أن الدولة توفر للإنسان الحاجة إلى الانتماء الوطني الذي أراه اليوم من أهم الحاجات الإنسانية. كل هذه الأمور تبين لنا ماذا يعني وجود الدولة¿ ولماذا يحتاج الناس للعض عليها بالنواجذ¡ والدفاع عنها بكل ما يملكون. ولو نظرنا إلى المناطق المجاورة التي فقدت فيها قوة الدولة لوجدنا البديل للدولة والانتماء الوطني الجامع الذي تمثله هو ذلك الانفجار المذهل للقوى الطائفية والقبلية وقوى المناطقيات والأعراق والإثنيات بكل ما تحمله من قوة تدمير هائلة. فكل من هذه القوى التدميرية تريد أن تقدم نفسها بديلاً للدولة. إن هذه البدائل المزعومة تأخذ المجتمعات إلى «جاهلية جديدة» يسود فيها التعصب¡ وتنعدم فيها الحياة وخدماتها الأساسية من أمن وتعليم وطب وتوفير نطاق انتمائي يستطيع أن يعيش به الإنسان في عالم اليوم.




http://www.alriyadh.com/1852275]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]