رغم ما مرت به الانتخابات الأميركية العام 2020 من أزمات واستقطابات حادة إلا أنني وجدت نفسي متابعاً على غير عادة لتفاصيلها¡ ويعود ذلك لعدة أسباب ومنها أن نائبة الرئيس المنتخب كاملا هاريس كانت من مدينة أوكلاند في ولاية كاليفورنيا.
وفي كاليفورنيا تنفست بعض أهم مراحل حياتي¡ ففيها درست مرحلة الماجستير في جامعة بيركلي. فبعد ما علمت أن السيدة هاريس من الولاية العريقة كاليفورنيا عادت بي الذاكرة إلى قبل 45 عاماً¡ وأنا في مرحلة مقبل بلهفة على العلم والمعرفة¡ وكنت أسكن في شقة على مسافة قريبة من الجامعة¡ وفي كل صباح أمشي راجلاً إلى الجامعة مشدوهاً لتفاصيل تلك الأيام¡ وأنا أرى المشاة في تسارع من النشاط والعطاء¡ أتوا من كل بطون العالم بطوائفه المختلفة جنساً وشكلاً وعرقاً¡ ويحرك الجميع مقصده المرجو.
وفي الطريق عادة أتوقف عند بائع عصير البرتقال الطازج وأتناول "كوباً" متوسط الحجم وسعره آنذاك 25 سنتاً¡ وهو ما يجعلني أقلب نواظري أكثر متأملاً في حياة هؤلاء وما تزخر به كاليفورنيا خاصة مدينة بيركلي التي كانت بوتقة حيوية للجميع ليمتزجوا بانسجام على اختلاف أعراقهم ودياناتهم وجنسياتهم¡ لأن الهدف الأسمى الذي حرك جميع القادمين من داخل أميركا وخارجها للحصول على العلم بأرقى معاييره وأصفى مكوناته.
وإذا تحدثنا عن بيركلي المدينة فنحن نتحدث عن عمقها التاريخي¡ وعن نسيجها الاجتماعي المتناسق القائم على مجتمع طلابي حيوي وطبقة عمال فاعلة¡ وعن بيئة بحثية وعلمية خاصة أن جامعة كاليفورنيا في بيركلي تعد من أفضل 20 جامعة على مستوى الولايات المتحدة¡ وقد كان لها الفضل في إشعال المدينة بالمصابيح الكهربائية منذ عام 1888¡ وغيرها من الخدمات المذهلة حينها التي حظيت بها بيركلي كشبكة الهاتف والترام الكهربائي.
ومما شدني في بيركلي هي غرفتها التجارية التي تأسست العام 1900¡ وتعد غرفة بيركلي التجارية نواة حيوية في حداثة ونشاط المدينة على مر قرن من الزمن¡ وعادة غرفة بيركلي ما تستمد قوتها من دعم أعضائها¡ وتشجيع التعليم والتغيير¡ والتحفيز على التواصل¡ بالإضافة إلى شَرَاكاتها التنموية والمتجددة مع كبرى الشركات والمؤسسات على مستوى الولاية والدولة أيضاً. ومن أهم مقومات نجاح غرفة بيركلي هي طريقة إدارتها ودورتها الانتخابية القائمة على الخبرة والقدرة والإبداع والشفافية¡ ولعلي أهمس لزملائي في غرفة الرياض بإنشاء لجنة لمتابعة عمليات الانتخابات في الغرفة وفي لجانها وتطوير الأطر التنظيمية بعيداً عن الاعتبارات الأخرى التي لا تلامس جوهر فاعلية الغرفة¡ ولنا في بيركلي وغرفتها خير مثال¡ في الوقت الذي تبذل فيه دولتنا - أيدها الله - كل أنواع الدعم والتحفيز والعطاء.
إن الشفافية والانتخابات هما سمة حيوية الغرف التجارية¡ فيجب أن تكون غرفة الرياض سباقة في دراسة مناحيها ومؤشراتها وتوجهاتها لتكون سنداً لمنتسبيها وتحقق مطالبهم في سبل حياة أفضل وأسهل وأكثر أماناً.
شكراً لكاملا هاريس ولكاليفورنيا التي أثارت فيّ هذا الشجن الممتد من ذكريات بيركلي إلى غرفة الرياض!
سعد المعجل




http://www.alriyadh.com/1852929]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]