في ليلةٍ ازدحمت فيها الندوات والمحاضرات والأمسيات¡ طوّفتُ فيها كما لو كنتُ (سندباداً)¡ ففي ذلك المساء الجميل ارتحلتُ عبر أثيرٍ ثقافي متنوع¡ بدأت رحلتي (الافتراضية) فيه بندوة علمية في جامعة حائل حول (بعض التطبيقات التداولية¡ والفصحى واللغة الإعلامية)¡ انفضَّ بعد ذلك سامرنا العلمي بشيء من المداخلات المميزة.
بعد ذلك بدقائق معدودة التحقتُ بأمسية قصصية في نادي الباحة الأدبي¡ واستمتعتُ بحضور أمسية قصصية فاخرة¡ من طراز أدبي مميز¡ شهدتْ حضوراً متفاعلاً¡ إلى الدرجة التي أخذ فيها الحاضرون يطلبون المزيد من النصوص القصصية¡ وفي هذه الأثناء كانت تقام أمسية أدبية طريفة نظمها النادي الأدبي الثقافي بالحدود الشمالية كانت بعنوان (القهوة والكتابة في الشعر العربي المعاصر)º ونظراً لانشغالي بالمناسبتين السابقتين لم أستطع الالتحاق بها.
وبمجرد الخروج من الأمسية القصصية ارتحلتُ عبر الأثير إلى نادي جازان الأدبي¡ حيث التحقت بمحاضرة نقدية ذات عنوان طريف أيضاً¡ وهو (أثر الذكاء العاطفي في بناء النص الأدبي) وشاركتُ في هذه الأمسية الجميلة بتعليق يسير¡ وهو: «لماذا لا نستأنس بهذا المصطلح التربوي¡ ونوظفه في خدمة الأدب¡ كأن نقول مثلاً: الذكاء الأدبي¡ أو الجمالي¡ أو البلاغي¡ أو نحو ذلك من التسميات اللصيقة بالأدب والنقد»¡ وودتُ لو طال الوقت¡ وانفسح المقامº لكي أطرح سؤالاً آخر¡ وهو: «هل نستطيع العثور على إشارات قديمة لدى النقاد القدامى¡ أو المعاصرين لإيجاد آثار من هذا القبيل¿ وهل يمكن الإفادة من بعض المصطلحات الأخرى في العلوم والمعارف المتباينة التي تخدم مثل هذا التوجه في مجال الأدب والنقد¿».
وفي أثناء ذلك انتقلتُ إلى نادي أبها الأدبي الذي أقام - ممثلاً بلجنته الثقافية في محايل عسير - ندوةً وطنية بعنوان (ست سنوات وغيث الإنجاز)¡ عندئذٍ شعرتُ بأنني تنقلّت بين مدن المملكة العربية السعودية على بساطٍ من الريح الثقافية¡ عبر منصاتٍ افتراضيةº فخرجتُ من حائل إلى الباحة¡ ثم من الباحة إلى جازان¡ ثم عدتُ من جازان إلى الحدود الشمالية¡ من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال¡ وفي الطريق مررتُ بأبها¡ ودخلت إلى محافظتها الجميلة (محايل عسير) فكانت رحلة ثقافية (إلكترونية) ماتعة¡ لم يكدّر جمالها سوى تداخل الأوقات وضيقها.
لقد أيقنتُ الآن أننا في هذا الخضم (الإلكتروني) الافتراضي صرنا أكثر مرونةً¡ وانفتاحاً¡ وأوسع أفقاً واطلاعاً¡ حتى لقد أصبح بإمكاننا حضور الندوات¡ والمحاضرات والأمسيات في وقت واحد¡ أو متقارب دون عناء أو جهد أو خسارة¡ وباتت الأندية الأدبية¡ والمؤسسات الثقافية¡ والمراكز التدريبية اليوم - وفي هذا التوقيت تحديداً - أكثر تفاعلاً وتنافساً وجمهوراً.
بقي أن أشير إلى أن هذه الرحلة الجميلة أرهقتني ليس في طولها¡ وتباعد مسافاتها¡ ولكن في تقارب أوقاتها وتشابكها¡ وهو ما يجعل الجمهور يفقد التركيز والاستمتاعº لذا لو خصص كل نادٍ وقتاً خاصاً يُعرف بهº لأصبحت تلك المناسبات أكثر توهجاً وإشراقاً¡ ولاستمتع كل (سندباد) برحلاته العلمية¡ ومغامراته الثقافية.




http://www.alriyadh.com/1855776]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]