مفهوم الدولة حديث النشأة¡ ولم يتبلور هذا المفهوم والمصطلح إلا في عقود أخيرة¡ ذلك أنّ المجتمعات استغرقت قروناً عديدة لتأخذ شكل الدولة المؤسسي التنظيمي القائم على تحديد العلاقة بين القيادة والشعب.
ولذلك فإنّ نظرة سريعة لواقع الدول راهناً ومقارنتها بالماضي تُظهر مدى التطور والتقدم الذي شهدته الدول بعد أن كانت تعيش حياة بدائية وجماعات قبلية تقوم علاقاتها على المصالح والتدافع فيما بينها واللجوء للغصب والعنف والاعتداء دونما وازع من ضمير أو مراعاة لتنظيم أو امتثال لجزاء وغيره.
اليوم الرهان على الدولة ومدى قوة حضورها وتماسكها وحيازتها على المواقع المتقدمة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي¡ وهذا الحضور كفيل بأن يموضعها في مكانها اللائق بها دون ادّعاء أو مبالغة¡ إذ العِبرة تكون بالأصداء الحقيقية الواقعية التي تحتكم إلى دلائل وشواهد حقيقية من النماء والتطور داخل كيان الدولة وانعكاسه على رفاه واستقرار المواطنين¡ ويمتدّ هذا التأثير عالمياً عند تعاطي الدولة ذات الحضور المؤثر مع القضايا الكبرى التي تستلزم دعماً لوجستياً يصنع فارقاً واضحاً في مآلات تلك القضايا ومعالجتها¡ وهذا ما برعت فيه قيادتنا الحكيمة والفاعلة حضوراً وتأثيراً¡ إذ باتت رقماً مهماً في المعادلة الدولية¡ وهو دور وتأثير تُغني فيها الأفعال عن الأقوال وليس بحاجة لأكثر من عقل وقلب مُنصِف¡ فالشواهد والمواقف التاريخية للمملكة على كثرتها وأثرها وأهميتها كفيلة بإعطاء الصورة الذهنية الحقيقية التي لا تزيُّد فيها ولا مبالغة.
والقارئ المنصف والمتابع الرصين يدرك أنّ هذه الأدوار التاريخية للمملكة ما هي إلا انعكاس لتجوهر القيم النبيلة والمبادئ الإنسانية التي لا تقبل التنازل أو المساس بجوهرها¡ قيم تنبع من إرث حضاري وقيمي وديني منذ عهد التأسيس لم تتخلّ عنه المملكة قيد أنملة¡ وهو ثبات على القيم والمبادئ تزيده الأيام نصوعاً وأثراً.
فالمملكة وهي تنطلق بقاطرة التحديث والعصرنة والسباق مع الزمن والإنجاز داخل هيكلها ومؤسساتها العديدة لم تنس أن تمارس أدوارها التاريخية مع جيرانها إن على مستوى الخليج وتعزيزها لوجوده وتماسكه ووحدته¡ ويمتد هذا الدور ليشمل بحب ووفاء لجيراننا في الإقليم ذاته وكذلك مع دول العالم أجمع انطلاقاً من قيم الخير والتواد والتفاعل مع هموم البشرية جمعاء كما حثّ عليه ديننا القويم.
من هنا فإنّ سعياً لتقويض جهود كيان دولتنا الراسخ أو التشكيك في فاعليّـته سواء محلياً أو عربياً أو دولياً ما هو إلاّ موقف غير أخلاقي ومتحيّز وغير منصف¡ بل إنه موقف لا يضمر سوى الحقد والحسد والنزوع الرغبوي في تبديد جهود الدول ومن ثم تفتيتها لأغراض لا تخفى على أي متابع واع¡ إلا أنّ دحرها ودحر الأشرار دولاً أو أفراداً أو تنظيمات تظلّ مهمة أممية وكونية في عالم ينشد الخير والعدل والمساواة وإشاعة الجمال وحفظ الحقوق وثقافة الحوار والتعايش.




http://www.alriyadh.com/1857379]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]