عندما أعلنت المملكة الحرب على الفساد وملاحقة المفسدين أينما وجدوا¡ لم يكن أحد يتصور بأن تكون هذه الحرب بهذه الشمولية والديمومة¡ فضلاً عن الحزم والإصرار في اقتلاع جذور الفساد¡ وهي أوصاف تؤكد أن هذه الحرب مستمرة ومتواصلة ولا حدود لها¡ مستهدفةً كل من تسول له نفسه استغلال النفوذ والإضرار بالمال العام¡ أي كان¡ سواء مازال في منصبه أو تركه.
ولاة الأمر هم من أعلنوا بداية هذه الحرب¡ ولكن لم يعلنوا نهاية لها¡ في رسالة صريحة وجلية¡ يبعثون بها إلى الداخل والخارج بأن المملكة سلكت طريق التغيير الجذري برغبة جادة وعزيمة لا تلين¡ ولن يُوقفها أحد عما عزمت عليه¡ وأن هذه الحرب مهمة وضرورية لدعم خطط الإصلاح التي اعتمدتها البلاد بالتزامن مع إطلاق رؤية 2030.
هذه الحرب تعبر عن عزم المملكة الجاد¡ وسعيها الحثيث للقضاء على الفساد¡ وترسيخ مبادئ الشفافية والعدالة والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للوطن والمواطن¡ وتتجسد هذه المعاني على أرض الواقع مع تحركات هيئة الرقابة ومكافحة الفساد¡ بالإعلان بين فترة وأخرى عن قضايا فساد كثيرة¡ المتورط فيها موظفون كبار¡ من غالبية المؤسسات والوزارات¡ بما فيها الوزارات السيادية¡ مثل الدفاع والداخلية¡ وفي هذا رسالة أخرى بأنه لا أحد فوق القانون في تطبيق ما يقضي به النظام بحق المتجاوزين دون تهاون¡ ففي عهد سلمان الحزم ومحمد العزم¡ لا حصانة لفاسد مهما كان منصبه¡ ومهما بلغت مكانته¡ يضاف إلى ذلك أن قضايا الفساد لا تسقط بالتقادم حتى بعد انتهاء العلاقة بالوظيفة.
تساقط الفاسدين بهذه الوتيرة السريعة¡ نشر بين المواطنين حالة من السعادة الممزوجة بالتفاؤل والاطمئنان¡ بأن نهضة هذا الوطن في ظل رؤية 2030¡ انطلقت من أرضية صلبة ومبادئ قوية راسخة¡ لا مكان فيها للفساد أو الفاسدين¡ ولعل التسارع في عمليات الإصلاح الشاملة التي جاءت بها الرؤية وتحقيق مراكز متقدمة في عدد من المؤشرات الدولية¡ هو إحدى ثمار هذه الجهود.
حرب المملكة على الفساد¡ لم تزحزح ثقة الدولة في موظفيها ومسؤوليها الشرفاء¡ وهم كُثر¡ تعتمد عليهم المملكة في تنفيذ مخططات التغيير والإصلاح¡ لما يتمتعون به من نزاهة وعفة وطهارة الأيدي¡ هؤلاء لا يعكر سيرتهم العطرة موظف مرتشٍ أو فاسد¡ أحلّ لنفسه الحصول على المال العام بصورة أو بأخرى¡ لذا سيبقى هؤلاء محل ثقة الدولة ومصدر فخرها.
http://www.alriyadh.com/1858469]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]