العنوان نصيحة شائعة..
يُكثر الناس من أن ينصحوا غيرهم أن يكون على طبيعته¡ مثلا شخص يوشك أن يختلط ببعض الناس ويشعر بأعصابٍ مشدودة فيسأل صديقا أو زميلا: كيف أتصرف هناك¿ ويأتي الجواب: عادي¡ خلك طبيعي.. توشكين أن تنضمي إلى سهرة أو حفلة وتشعرين بفراشات التوتر ترفرف في جوفك¡ تنصحك صديقتك: لا تتصنعي¡ كوني كما أنتِ¡ خليك على طبيعتك. في الإنجليزية هذه منتشرة أيضاً¡ فيقال: Just be yourself.
لكن لبعض الناس - إن لم يكن الكثير منهم - فإن هذه نصيحة كارثية!
من قال إن الناس سواسية مثاليون في طبائعهم¿ مر عليّ شخص من طبيعته أن يقهقه على كل شيء ولو لم يستحق. إذا التقى بشخصٍ جديد ضحك على كل شيء يقوله هو أو الشخص¡ وإذا طلب منه مديره شيئا قهقه محاولا تحويل كل عبارة إلى نكتة¡ هل تريد هذا أن يكون "على طبيعته" لو أنه صاحبك لمناسبة رسمية¿ والبعض غير ملم بالبروتوكولات التقليدية بل حتى بآدابٍ اجتماعية معروفة¡ مثل عدم مراعاة الحساسيات الثقافية لمن هو من بلدٍ آخر أو الإفراط في المزاح أو التقطيب المستمر حتى لو كان الناس يضحكون¡ أحيانا بسبب عدم الاكتراث¡ كان الله في عونك لو كان هذا رفيقك!
من أين أتت هذه النصيحة¿ ربما من اعتقاد البعض أن الطبيعية صِدق وأن التكلف واصطناع شخصية أخرى زيف¡ لكن كثيرا ما يكون هذا ضروريا¡ ولا أقصد المجاملة فهذه يفعلها الكل¡ وإنما أقصد أن يسلخ المرء شخصيته ويؤدي أداءً كأنه في مسرحية¡ فهذا لازم لدى الكثيرين¡ ولو لم يفعل ذلك لأضر نفسه وغيره¡ لأن شخصيته الطبيعية لا تناسب أي جو اجتماعي أو رسمي أو غيره.
لهذا أنصحك ألا توصي الجميع أن يكون على طبيعته إلا إذا كان هذا ينطبق فعلا¡ أي أن تكون شخصيته الحقيقية أفضل من الشخصية التي تصنّعها ويظن أنها أكمل¡ لكن لعل أفضل ما تنصح به هذا الشخص ألا يكون على طبيعته¡ بل أن يمثل ويتقمص ويؤدي أداءً يحسده عليه روبرت دينيرو!




http://www.alriyadh.com/1858672]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]