قال صحابي اسمه مُرّة البَهْزي: ذُكرَت الفتن عند رسول الله عليه الصلاة والسلام فقرّبها - أي قال إنها قريبة -¡ فمرّ رجلٌ متقنع في ثوب فقال: هذا يومئذٍ على الهدى¡ فقمت إليه فإذا هو عثمان بن عفان.
ترى في هذا الحديث مظهراً ثقافياً للعرب وهو التقنّع والتلثّم وستر الوجه¡ إما اتقاء الحر أو البرد أو الغبار أو لأسباب تقليدية¡ فالتلثّم منتشر في قبائل عربية وإفريقية وأمازيغية.
التقنع أيضاً يكون اتقاء العين¡ مثل ما فعل محمد بن عميرة الكندي¡ والذي كان شديد الجمال وإذا رُؤي وجهه أصابته العين فيمرض¡ واضطر أن يغطي وجهه حتى سموه المقنع الكندي¡ وقيل لأنه دائما متقنع في سلاح ولباس الفرسان.
وغير اتقاء العين فهو اتقاء الأعين! قال ابن جريج: رآني عمر بن الخطاب وأنا متقنع فقال: يا أبا خالد¡ إن لقمان كان يقول: القناع بالليل ريبة وبالنهار مذلة¡ فقلت: إن لقمان لم يكن عليه دين! اليوم لن ينفعك أن تتلثم لو أردت أن تفر من بعض الدائنين¡ فتصل إشعارات الاقتطاعات إلى جوالك ولو كنتَ في كهفٍ أسفل منغوليا!
القوات الخاصة حول العالم كثيراً ما تلبس الأقنعة¡ وذلك تفادياً للتجسس أو الانتقام¡ وهذا مبدأ معروف حتى في الخيال العلمي¡ وتراه في المجلات المصورة لـ»باتمان» وأفلامه¡ فيحاول شاب متحمس ذات مرة أن ينضم له ويخبره باتمان أن عليه أن يخفي وجهه¡ فيرد بلا مبالاة: أنا لا أخاف الأشرار¡ يرد باتمان: القناع ليس لك¡ إنه ليحمي أحبابك وأهلك.
اليوم تقنّع العالم كله وتَكمّم قسراً بسبب فيروس كورونا¡ عدا بعض الطوائف الخرقاء التي تعتبره تعديا على الحرية الشخصية¡ غير آبهين بحقوق بقية الكوكب أن يسلموا من الوباء¡ لكن غير ذلك لعل العالم عرف بعض منافعها¡ وربما استفاد من أسباب كالتي بالأعلى مثل اتقاء العوامل الجوية كالغبار¡ أو حتى لتفادي الدائنين!
http://www.alriyadh.com/1861496]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]