كنت أتصفح أحد المنتديات الإنجليزية وأتى حوار عن الكتابة اليدوية بالخط الإنجليزي المتصل ("المُشبّك" كما يصفه البعض)، وهذا المنتدى أكثره صغار وشباب، وقال أحدهم: «لا يهم هذا الخط، إنها مهارة عديمة الفائدة». وأتاه الكثير من الموافقة.
استغربت ذلك، فالكتابة الإنجليزية اليدوية بالشكل المتصل (والتي تسمى cursive) جميلة، ولكل شخص أسلوبه وجمالياته فيها، وقد رأيتها لأول مرة في توم وجيري لما كنت صغيرا، حيث كانت هذه طريقة الكتابة المعروفة في الماضي حتى للصغار، لكن الآن أتت الحواسيب، والتي بدأت تقضي على الكتابة اليدوية الإنجليزية، وهذا ما جعل ذاك الشخص يقول ما قال، فالطباعة على لوحة المفاتيح أو في الجوال هو السائد الآن لديهم.
جعلني هذا أفكر: ماذا عن الكتابة العربية؟
هل ما يزال هناك الكثير ممن يهتم بالكتابة بها؟ في الماضي كان حسن الخط مهارة تثير الإعجاب، وأعتقد أن هذا الاعتقاد قائم إلى الآن، وفن الخط العربي يجذب ويُبهر، حتى إن بعض غير العرب يحاولون إتقانه من إعجابهم بجماله، لكن ماذا عن الكتابة اليدوية العادية لعامة الناس؟.
كل مهارة لا تُستخدم باستمرار تذبل، بل كل عضو في جسمك لا تستخدمه يضعف، فاليد التي لا تَعمل إلا على المهام اليومية العادية تضعف ومعها الذراع والكتف والصدر، يصير الجسم العلوي كله ضعيفا، ولو حصل لك موقف بحيث يجب أن تعتمد على قوة جسمك العلوي فستفشل، مثل أن تكون معلقا متمسكا بعمود أو طرف مبنى، وهي مواقف ما تزال تحصل للبشر. مخك إذا لم يقرأ ويحفظ ويناقش ويفكر فإنه يضوى ويصير أكثر عرضة للخرف وألزهايمر، قلة الكلام تجعل حواراتك ضعيفة وجُملك بطيئة صعبة.
والخط كذلك، فمتى آخر مرة كتبت فيها بالقلم؟ ربما حتى لا تتذكر مِن بُعد تلك الفترة!
دع ناقوس الخطر يرن، فالخط والكتابة اليدوية جزء مهم من تراثنا وعنصر بديع من الثقافة العربية، وهو مثل البصمة لك، لك أسلوبك وطريقتك الجمالية، عكس تلك الحروف الباردة التي تطبعها على لوحة المفاتيح، والتي لا تميزك عن قرابة نصف مليار عربي، فتأتي الجملة المطبوعة نفسها في الشكل.
أمسك قلما الآن واكتب 5 مرات: «سأتدرب على الكتابة اليدوية كل يوم».. احفظ تراثك العظيم!
http://www.alriyadh.com/1872271]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]