لعل من يتتبّع الحملة المسعورة ضد سمو ولي العهد، يقف على حجم المغالطات والافتئات ومحاولة الاصطياد في ماء الكذب العكر، كل هذا الشقاء في طلب الحاجة وتحقيق الأهداف المثقلة بالوهم؛ ولا ضير من التمادي وتوسيع رقعة الأحلام وإن لم يدركوها..
في عالَم غارقٌ حتى أُذُنيه في الدّجل، والزيف، والجدل الأيديولوجي، والتطاحن على المصالح؛ تسعى دُول ومنظّمات وأفراد، إلى تحشيد قدراتها، لتحقيق أهداف غير نزيهة ولا مراعية للأخلاق والسلوكيات القويمة؛ فتجدها تُسخّر جهودها لغايات سياسية تخدم مصالحها، دون اكتراث بالوسائل، مشروعة كانت أم لا؛ وإن بدا لنا أو لغيرنا أنهم يناضلون من أجل الحقيقة؛ فإن الحقيقة هو سعيهم لخدمة أجنداتهم المشبوهة لا خدمة الإنسانية والبشر ومعالجة مشكلاتهم.
كل هذا الصراع يبدو مفهوماً في عالم «السياسة»؛ هذا العالَم الذي وصفَهُ بحصافة ماو زيدونج؛ بأنها ليست إلا حرباً دون إراقة دماء.
لكن اللافت هو الإصرار على الزيف؛ لتجد نَفْسَك وسط غابة من الكذب، وتصل إلى قناعة راسخة مفادها: أنّ الإصرار على الزيف والكذب أسهل كثيراً من الاعتراف بالخطأ، وكأنّ الإصرار على الخطأ يمكن أن يحوّله إلى صواب.
ولعل من يتتبّع الحملة المسعورة ضد سمو ولي العهد، يقف على حجم المغالطات والافتئات ومحاولة الاصطياد في ماء الكذب العكر، كل هذا الشقاء في طلب الحاجة وتحقيق الأهداف المثقلة بالوهم؛ ولا ضير من التمادي وتوسيع رقعة الأحلام وإن لم يدركوها؛ المهم أن يظفروا مِن غَنيمَةِ التآمر بإيابِ التشويش والفوضى.
يتشدّق البعض بحقوق الإنسان؛ ويُبدي بسالة استعراضية في التغنّي بمضامينها البرّاقة، والدعوة لترسيخها في عالمنا العربي، وكأننا لا نعرف عن تلك الحقوق، ويبدو أنّ ثمة جهل مطبق على عقول المنادين بها، فأدبيّاتنا وسرديّاتنا السلوكية والقيمية نادت بحقوق الإنسان منذ مئات السنين، دعا لها إسلامنا الوسطي المعتدل، وكفل تلك الحقوق، وشرّع لها ورسّخ حضورها وأكّد على أن تكون تعاملاً مندغماً وملتحماً في نسيج سلوكنا قولاً وفعلاً؛ ولم نكن بحاجة أبداً أن يتصدّى المنظّر السياسي الإنجليزي جون لوك لينادي بحقوق البشر والأفراد ويؤكد أنها حقوق طبيعية ومنتج جوهري لتلك الطبيعة الإنسانية، نعم لقد سبقنا لوك ورفاقه بمئات السنين في الدعوة لحق الفرد وحريته وملكيّته.
وهنا تحضر للذاكرة دعوة الأديب المنفلوطي حين قال: «دعِ الأكاذيب يطرُقُ بعضها بعضاً؛ فلربما استطارت مِنْ تلك المعركة شرارة تضيء للناس الحقيقة المُذالة تحت أقدامهم؛ فيلتقطونها؟»؛ مع الإيمان بأنه من المستحيل إقناعهم، ولكن لا أقلَّ من أنه عندما يستحيل إثبات تعمُّد شخص ما تضليل الآخرين، فمن المفيد أن نحاول على الأقلّ تعريته، وإعلان خطله وخطئه على الملأ. أما من يحاول خلق أزمة - حسبما يهجس ويحلم ويتوقّع - لتحقيق مآرب لا تخفى على كل ذي لُبّ؛ لخلخلة بِنى الدول، لتأجيج صراع المصالح والابتزاز والتهديد الأرعن؛ دون أن يعلموا ثبات ورسوخ إرادات الشعوب الحُرّة، التي يشهد تاريخها بالنضال والإباء والأنفة التي لا تُذعن ولا تستكين ولا تناور ولا تهادن ولا تُداوِر.
كم من الأزمات مرّت وتعامل معها العقل العربي المسلم بِرَشاد ورُشْد؛ وَعَبَرَ ببلاده أمواج التحديات المتلاطمة؟!.
ولأنّ المواقف الحقيقية والإنجازات هي أبلغ ردّ يقذفه الواثق من نفسه على باطل المزاعم فيدمغها؛ تأتي جائزة «درع العمل التنموي العربي» الممنوحة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ناسفة لحملات التشويه الرخيصة ضده؛ وهي جائزة - كما هو معروف - لها قيمتها المعنوية والاعتبارية، فهي جائزة سنوية تمنحها الجامعة العربية لشخصيات قيادية وريادية عربية لديها إسهامات معروفة وملموسة ومؤثرة في مجال التنمية بمعناها الشامل، وبما يُفسح المجال أمام تعميم التجارب والاستفادة من الخبرات على أوسع مدى ممكن.
وتهدف الجامعة - كما هو في بيانها الصادر- إلى تسليط الضوء على النماذج الناجحة والمُلهمة في مجال التنمية على الصعيد العربي؛ لينتبه إليها المهتمون والعاملون في هذه المجالات، ويتطلعون إلى الاستفادة منها واستلهامها. ولفت البيان أن اختيار الأمير محمد يأتي تقديراً لدوره في تعزيز النهج التنموي الشامل في السعودية والوطن العربي، ولجهوده في دعم وتعزيز العمل العربي المشترك في المجالات كافة؛ خدمة لأمن واستقرار ونماء وازدهار المنطقة.
لقد شرفَت الجائزة باسم سموه؛ فجهوده العظيمة لم تنحصر في القفزات التنموية والإنسانية المذهلة في بلاده، بل تجاوزتها لاستشعار هموم محيطه العربي والإسلامي وحتى العالمي؛ مجسّداً الأنموذج القيادي والاستثنائي للقائد الفذ المُلهَم.




http://www.alriyadh.com/1873260]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]