لا شك أن وسائل الإعلام والاتصال تشهد بجميع أشكالها التقليدية والحديثة تطورات متلاحقة ولم تعد مجرد قنوات لنشر الأخبار وتداول المعلومات أو الترفيه، بل تحولت إلى صناعة عالمية ضخمة ومؤثرة، برزت مؤشراتها مؤخراً في تزايد الإنفاق العالمي عليها وخاصةً الإعلام الرقمي، مع ارتفاع في أعداد القنوات الفضائية «الخاصة»، وزيادة في أعداد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى 37 % من سكان العالم، بينهم 193 مليون مستخدم عربي يشكلون قرابة نصف سكان الوطن العربي!
وبحسب تقريرٍ لمركز الاتصالات الاستراتيجية التابع لحلف «الناتو»، فقد غيرت تكنولوجيا المعلومات طبيعة الصراعات من خلال خلق بيئة افتراضية تسمح بإجراء «معارك» عبر الإنترنت، تؤثر على الأحداث ومواقف الأشخاص ومعتقداتهم تحديداً مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي؛ لتمتعها بميزتين، أولهما الفضاء الواسع الذي يعد سلاحاً ذا حدين، والثانية خط الزمن المباشر، ما يتيح متابعة التطورات الديناميكية باستمرار.
وسائل الإعلام والاتصال أثبتت دورها الحيوي كسلاح متطور في الذود عن الأمن القومي لدول العالم، حتى إن قيمة الإنفاق العالمي على قطاع الإعلام والاتصال تجاوزت حجم الإنفاق العسكري عالمياً، والمقدر بنحو 1.67 تريليون دولار بحسب إحصاءات «معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام» لعام 2015م، والتي تعادل نسبة كبيرة تصل إلى 2.5 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي!.
المملكة اليوم تحديداً وبحكم قيمتها التاريخية والدينية وأهميتها الاقتصادية وموقعها الاستراتيجي، من أكثر دول العالم تعرضاً للمخاطر والأزمات.. وفي مقدمتها تنامي خطابات الكراهية نحونا، والتدخلات الخارجية المباشرة وغير المباشرة في شؤوننا، والرامية إلى زعزعة أمننا واستقرارنا، واستهدافنا بالدعايات والحروب النفسية الممنهجة، ومخططات إثارة المخاوف والفتن والتخريب الفكري والقيمي، وحروب معلوماتية وحرب في اليمن!؛ فالجميع اليوم يرى حجم المؤامرة على المملكة والخليج بهجمات غير أخلاقية من خلال منظومة إعلامية عدائية مستمرة لم يتصد لها وبكل بسالة وإقدام سوى أبطال وسائل التواصل الاجتماعي وأبطال القلم الوطني وأفراد تبنوا برامج استقصائية تدافع عن الوطن ليل نهار.. لم يحركهم سوى حب الوطن وولائه لقادته، أما إعلامنا الخارجي فهو لم يزل غائبٌ أسفاً، مهما تعددت الأعذار!.
نحن اليوم بحاجة للمكاشفة والمصارحة والمواجهة، بأن يكون لدينا منظومة إعلاميّة داخليّة وخارجيّة متكاملة لمواجهة خطر الإعلام الدولي المتآمر عبر نقل الحقائق سريعاً وليس ردود الأفعال، وخط دفاع خارجيّ متقدم ومهنيّ بجميع لغات الإعلام والعالم.
إن الإدارة الفعّالة للأزمات والحالات الطارئة والكوارث تبدأ وتكمن في النهوض بدور «إعلام الأزمات» بتهيئة الرأي العام أولاً، ورفع روحه المعنوية وتمسكه بقيمه الوطنية، من خلال قيام وسائل الإعلام بمختلف أشكالها ببث الحقيقة بدقة وسرعة وشفافية ومصداقية، مع التأثير المباشر والفاعلية في مواجهة الشائعات والأكاذيب، واحتواء الأضرار وتقليل الآثار السلبية وفق منظومة متكاملة رسالتها «خط دفاع أول» للحفاظ على مكتسباتنا التنموية والحضارية، وحماية أمننا الوطني أولاً وآخراً.. وللحديث بقية.
http://www.alriyadh.com/1875125]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]