التمييز إجمالاً بين الناس على أساس اللون، أو الجنس، أو الشكل، أو الهيئة، أو العرق.. إلخ، مجرم في جميع دساتير دول العالم، وسلوك محظور وفق كثير من الصكوك الدولية المناهضة لكافة أشكال التمييز العنصري؛ وهو قبل ذلك يتنافى مع مبادئ شريعتنا الإسلامية السمحة وقيمها الإنسانية الرفيعة، والتي جاءت وغرست بين الناس وشيجة الدين وآصرة الإيمان لتكون هي الرابطة التي تجتمع عليها الأمة ويميز به بين أفرادها ويسمو بعضهم فوق بعض بالتقوى؛ كذلك نحن في هذا الوطن ننفرد عن غيرنا بما مَّنَّ الله سبحانه وتعالى علينا به وبأن قيض لهذا البلد المبارك مؤسساً وموحداً لملم شتاته ووحد أجزاءه ونظم صفه وبسط أمنه وجمع كلمته، ولذلك ساد الإخاء والتسامح والعدل والمساواة بين كافة المواطنين بمختلف تنوع أطيافهم وشرائحهم وأجناسهم، وترسخ الانتماء لهذا الوطن العزيز وتجسد الولاء لقيادته الكريمة، وعلى ذلك سار من بعد المؤسس أبناؤه الملوك البررة وصولاً إلى هذا العهد الميمون والذي يوماً بعد يوم تتعزز فيه قيم الوحدة الوطنية والمحافظة على مفهومها وتفردها ومقومات بقائها، بصيانتها وحمايتها من كل ما من شأنه أن ينال منها بسوء.
رغم ذلك بين فينة وأخرى قد تبرز ونتيجة لوجود الفراغ التشريعي وقصور المعالجة في السياسات بعض من الممارسات الفردية للتمييز بين المواطنين على أساس الأصل، أو المنطقة، أو الجنس، أو غير ذلك، في بيئة العمل سواء عند منح الأجور، أو التوظيف، أو التعيين، أو الترقية ونحو ذلك، وهو ما حدا بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بحسب ما أعلن، على المبادرة والعمل على سن «سياسة وطنية لعدم التمييز» كإحدى السياسات الرامية لتنظيم سوق العمل وبيئته في القطاعين العام والخاص؛ لأن ممارسات التمييز بأي شكل من الأشكال لا تعكس موقف المملكة وحكومتها المستمد من ثوابتها قبل التزامها بما جاء من مضامين إنسانية وحقوقية في العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية المناهضة للتمييز العنصري، بما في ذلك الاتفاقيات الخاصة بمنظمة العمل الدولية، لكن التصرفات الفردية غير المحسوبة دائماً تطفو على السطح وتطمس ما عمل بالأمس، وتسيء لكل ما تحقق أو جاري العمل على تصحيحه بحرص نتيجة القصور في مواءمة الجهود بما التزمت به المملكة من عهود دولية ومواثيق أممية، أو في إبرازه بالشكل الذي يليق بالوطن، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض ممارسات التمييز قد ترتقي في غاياتها وتتجاوز في نتائجها السياسات المنظمة لبيئة العمل وتستلزم التعامل معها كجرائم جنائية.
http://www.alriyadh.com/1876932]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]