في الأسطر التالية نستعرض عدداً من الدروس القيادية من قصة النملة مع سليمان عليه السلام كما يلي:
أولا) قراءة الميدان وفهم الواقع: من أخطر الأمراض أن يكون القائد وفريقه غارقين في التنظير دون ارتباط بتحديات الواقع. ونجد أن النمل هنا استطاع أن يرصد دخول سليمان عليه السلام وجنوده إلى أراضيهم حسب الآية الكريمة (حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوْاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ)، مع ملاحظة أن الرصد كان في منطقة بعيدة نسبياً عن مساكن النمل وتجمعاته الكبيرة مما يعطيك مؤشراً على القدرة العالية على استقراء الظروف المحيطة ومتغيراتها.
ثانيا) سرعة إيصال المعلومة لصانع القرار: مع أن النمل استطاع أن يرصد دخول سليمان عليه السلام وجنوده إلى وادي النمل، فقد كان التحدي هو في سرعة إيصال المعلومة حتى يتم اتخاذ الإجراء اللازم. وفي الواقع، لا تعاني الكثير من المنظمات من عدم الاطلاع على المعلومات والبيانات وتوقع الأخطار الممكن حدوثها بل مشكلتها الكبرى في عدم إيصال المعلومة المطلوبة بالسرعة المطلوبة لصانع القرار مما ينتج عنه التحرك المتأخر بعد وقوع الأزمة.
ثالثا) التواصل الفعال والتعليمات الواضحة: لا يمكن أن تنجح إدارة متقوقعة على نفسها ولا تتواصل مع فريق عملها والجمهور. فلكي ينجح التواصل فلا بد من تعليمات واضحة. فريق العمل لا يحتاج لمصطلحات صعبة لا يفهمها إلا الخبراء بل إلى توجيهات صريحة وواضحة يمكن استيعابها وتطبيقها بدون صعوبات. وهذا ما حصل مع النملة التي كانت تتواصل بكل وضوح في قولها: (يَا أَيُّهَا النّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ).
رابعا) القراءة الاستباقية والاستعداد للمستقبل: النجاح في إدارة الأزمات والكوارث يرتبط بالقدرة على استباق الأحداث والتنبؤ بالمستقبل والاستعداد له. واستطاعت النملة أن تتصور السيناريو الذي سيحدث إذا لم تبادر بإنذار قومها وبقوا على حالهم حيث سيتم تحطيمهم من قبل سليمان عليه السلام وجنوده. وهذا هو الفيصل في عالم القيادة بين قائد مبادر لصناعة المستقبل وقائد سلبي يكتفي بردات الفعل المتأخرة.
خامسا) اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح: كثير من القادة تصلهم المعلومات ولكنهم يعجزون عن اتخاذ القرار الصحيح إما لقلة الخبرة أو عدم الاستعانة بالخبراء. وفي حالة النملة كان القرار سريعاً وصحيحاً بأمر النمل بالدخول في المساكن. ولم تتخذ على سبيل المثال قراراً بتشكيل قوات للقتال ضد الجيش أو طلب مفاوضات مع سليمان عليه السلام لتغيير مسار الجيش وهو ما قد يأتي بنيتجة متأخرة على حساب حياة الكثير من النمل.
سادسا) الأدب ولغة الاحترام: لم تتهم النملة سليمان عليه السلام وجنوده بأنه معتدون أو مدمرون بل كانت في قمة الأدب وهي تلتمس العذر بقولها: (وهم لا يشعرون). وهكذا القائد الناجح الذي يكون راقياً في حديثه وفعاله في مختلف المواقف.
سابعا) الإنجازات تتكلم: لم تحرص النملة على أن تتباهى أمام سليمان عليه السلام أو تظهر له حرصها على بني قومها. بل كانت تركز على إنجاز مهمتها بكل اقتدار. وهو ما اطلع عليه سليمان عليه السلام وتبسم ضاحكاً من صنيعها. وجاء التشريف الأعظم بتخليد هذا العمل في القرآن الكريم. وهكذا، فالانسان الناجح يترك إنجازاته تتحدث عنه دون سعي وراء شهرة كاذبة وبروباجاندا وبطولات وهمية.




http://www.alriyadh.com/1877107]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]