رحل الروائي الكولومبي الشهير ماركيز.. فأعلن رئيس بلاده الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام، ليشكّل بهذا الموقف تحوّلاً
كبيرًا في علاقة السياسة بالثقافة والإبداع، ولو عدنا بالتاريخ قليلاً لاسترجعنا مقولة وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر وألمانيا النازية، جوزيف جوبلز حينما قال (كلما سمعت كلمة مثقف أو (ثقافة) تحسست مسدسي) هذا التحوّل الجوهري في موقف السياسة من الإبداع أظن أنه أكثر ما يحتاجه هذا العصر الذي تتحول فيه الحضارة إلى استثمار الإنسان بعد أن استنفدت الطبيعة فلم تعد الأرض الخصبة أو تلك المنتجة للطاقة التي قامت لأجلها الحروب وتساقطت بسببها الممالك وخرجنا منها بفجائع وكوارث لا تنتهي، أقلها أن ننكشف على حقيقة وجودنا المفزعة فيها، حينما ندرك أن أكثر من قتل الإنسان الإنسان، وأن هذا الإنسان الذي وُجِد على الأرض كأنما استأنس كل شيء حوله ونسي نفسه!
صدقًا لم تعد الأرض بكل ثرواتها الطبيعية المستنفدة ذات غاية إلاّ بمن عليها ولو استعرضنا ما وصلت إليه التقنية الحديثة وتذاكرنا معا حجم هذه المليارات التي تتواترها الأخبار كقيمة لبعض المواقع التواصلية على الشبكة الإلكترونية (تويتر، فيس بوك.. وغيرها) لأدركنا أنها في آخر الأمر ليست إلّا استثمارًا لعقلية مبدعة كل مقوماتها الفكر المبدع لطالب في مشروع تخرج مثلاً أو لمبدع جرّب ذات مساءٍ بحاسوبه الشخصي فعثر في لحظة إبداع على فتحٍ جديد في الحياة المعاصرة.
أظن أنه آن الآوان لأن نستثمر الإنسان فينا وأن نعيد النظر في مواقفنا الحياتية من مبدعينا، فالأمم بحضاراتها ولكل حضارةٍ مبدعوها، والحقيقة أن تاريخنا القريب لم ينصف عدداً كبيراً من المبدعين الذين غادروا حياتنا الدنيا على مستوى الفن والشعر والرواية وقد حان الوقت لأن نتنبّه لهذا الخذلان الذي يستشعره عدد كبير من المبدعين اليوم، وهم يكابدون الحياة ويواجهون متطلّباتها بعناء كبير في بلد أنعم الله عليه بالخير الوفير وبالقيادة «المبدعة» العادلة الحكيمة، والمدركة لأهمية الإبداع ومخرجاته في عصر لا يحتفل إلّا بالمبدعين.
فاصلة:
مضيتُ معي...
لا أرى غير أني الفراغُ المعدُّ لهذا الضجيجِ.. لا كنتُ ماءً ولا كنتُ طينًا..
كأني أخونُ غدي..
أو كأنَّ غدي.. خانَ ساعتَه في يدي
أجيء لأشقى
أعودُ.. لأرقى
أموتُ لأبقى..
ولا شيء إلا لأني معي..!




http://www.alriyadh.com/1877190]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]