تابع الكثيرون السجال الذي دار بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث لاحظوا تفاوت الثقافة السياسية بين الزعيمين، فالأول أومأ للصحفي وتمتم بالإيجاب عندما سأله هل بوتين قاتل.
أما الثاني فإنه، ودون أن يلاحظ أحد، اعتبر بايدن قاتل، عندما أشار: أن كل شخص ينظر للغير بعين ذاته، بل ذهب أبعد من ذلك واتهم هاري ترومان، دون أن يذكر اسمه، بالإبادة الجماعية بعد إلقاء القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما وناجازاكي العام 1945.
إن هذا التطور في العلاقات بين واشنطن وموسكو لا يبشر بخير، ففي ظل الجائحة والوضع الاقتصادي المتردي في كافة أنحاء العالم، كان يفترض أن يضع قادة الدول العظمى أيديهم مع بعضها لمساعدة العالم على الخروج من المحنة التي يشهدها، ولكن الرياح تجري في اتجاه آخر.
من ناحية أخرى، فإن هجوم بايدن على بوتين يعكس عدم رضا الولايات المتحدة على روسيا. والشيء نفسه ينطبق على الصين، الذي فشل الاجتماع الذي عقده الأمريكيون معها الأسبوع الماضي في الألاسكا- والذي كان مخصص لترميم العلاقات بين البلدين، ولذلك يمكن أن نتوقع اشتداد التوتر بين واشنطن من جهة مع كل من موسكو وبكين من جهة أخرى، فالولايات المتحدة لا تعيش أفضل أوقاتها، ويكفي في هذه العجالة الإشارة إلى أمرين:
الأول: الجانب الاقتصادي، فجائحة كورونا أدت إلى تعدي خسائر أمريكا جراءها، كل الخسائر التي منيت بها في كل الحروب التي خاضتها تقريبا، كما أن ضحايا هذه الجائحة من الأمريكيين يتجاوز، ربما، الضحايا التي سقطت في كل الحروب التي خاضتها خلال الـ75 عاماً الماضية. ولذلك، فإن الوضع الاقتصادي المتأزم أصلاً منذ العام 2008، يجعل الولايات المتحدة تضيق ذرعاً بالبلدان التي تحاول أن تستفيد من الصعوبات التي تواجهها لانتزاع زعامة العالم منها، ولذا تتوتر العلاقات مع الصين منافستها اقتصادياً، وروسيا منافستها عسكرياً -إذ أن روسيا والولايات المتحدة تملكان ما يقارب 90% من إجمالي الأسلحة النووية الموجودة في العالم- مع رجحان كفة روسيا في هذا المجال.
الثاني: وجود شخصيات أمريكية متنفذة قدمت للولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. والمشكلة، أن بعض هؤلاء يحاولون عصر أمريكا لتكون بحجم البلدان التي أتوا منها - مثلما فعل زبغنيو بريجنسكي، الذي أجبر الولايات المتحدة على ارتداء الثوب البولندي الضيق عليها، وهذا أثر على الرئيس كارتر وقوض فرص انتخابه مرة ثانية، وأنا أسمى هؤلاء البرامكة الأمريكيون، فهؤلاء لا يكفون عن تسخير الجبروت الأمريكي لخدمة قضايا لا تهم الولايات المتحدة بقدر ما تهم البلدان التي أتوا منها، وهذا يضر أمريكا.




http://www.alriyadh.com/1877276]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]