في ثمانينات القرن العشرين، ظهرت في مصر سينما جديدة، سميت سينما الثمانينات، كانت شيئا منعشا، ومبهرا، والمخرجون الذين حملت أفلامهم هذا الاسم، كانوا قادمين بقوة، يحملون فكرا جديدا وطريقة مختلفة في تنفيذ سينماهم.
قبلهم كانت السينما تعتمد على نقل صورة حالمة وجميلة للواقع، عدا قلة من المخرجين الذين عرفوا بالواقعية مثل صلاح أبو سيف أو مختلفة وشديدة الفنية مثل يوسف شاهين، كانت غالبية الأفلام تعتمد على الرومانسية الشديدة، أو المبالغة في طرح المواضيع.
أتى مخرجو سينما الثمانينات برؤية مختلفة، ولا أعرف كيف حدث أن ظهروا في ذات الوقت، كي يرسموا هذا الخط الجديد للسينما المصرية، ويكونوا سببا في تزويدها بأجمل الأفلام، وكأي شيء جديد، تمت محاربته طبعا من قبل المنتجين الذين لم يتعودوا على هذا النوع من الفن، والذين كانوا يرفضون هذه السينما ولا يرغبون في إنتاجها، من باب إذا كانت الأفلام السابقة ناجحة وتحقق أرباحا فلماذا يغامرون بالتغيير، ذكرني ذلك بحلقة فيلمر التي تحدث فيها براء عالم عن المسلسلات الخليجية والتي أبرز فيها بشكل كوميدي رأي المنتج في موضوع التغيير.
من أهم أسماء المخرجين الذين عرفوا بتلك السينما الجديدة محمد خان، عاطف الطيب، داود عبدالسيد، خيري بشارة، يسري نصر الله، رأفت الميهي وآخرون.
منحنا هؤلاء المخرجون أفلاما مختلفة، تناقش الواقع وتعرض حياة الناس، مشكلاتهم، أحلامهم، اختلافاتهم، طبقاتهم بشكل فني واقعي أحيانا وفانتازي أحيانا أخرى، تراجيدي أو كوميدي، وبالرغم من اختلاف الطريقة التي قدموا بها أعمالهم، لكن وحدتهم الرؤية والمنطلق، ومن هنا تم جمعهم تحت اسم واحد هو سينما الثمانينات.
من الغريب أنه في ذات الوقت الذي ظهرت فيه هذه السينما، ظهر أيضا مسمى آخر لسينما شديدة الرداءة هي سينما المقاولات، سيطر عليها السرعة الشديدة في الإنتاج، مع التكلفة القليلة والمواضيع المهترئة.
هذه عناوين أفلام تنتمي لتلك المرحلة، شاهدتها منذ فترة طويلة، لا أعرف كيف ستؤثر في اليوم، لكنني أتذكر أنني أحببتها وتأثرت بها عند مشاهدتها أول مرة
موعد على العشاء، الحريف، سواق الأتوبيس، الأفوكاتو، التخشيبة، خرج ولم يعد، الزمار، الصعاليك، ملف في الآداب، البريء، الطوق والإسورة، عودة مواطن، الحب فوق هضبة الهرم، أربعة في مهمة رسمية، السادة الرجال، زوجة رجل مهم، أحلام هند وكاميليا، الدرجة الثالثة، يوم مر يوم حلو، الدنيا على جناح يمامة، قلب الليل، سرقات صيفية.
هذه تحية لتلك الأفلام وأولئك المخرجين، السينما المصرية مليئة بالمخرجين الرائعين والأفلام الرائعة، أتمنى أن ينتصر الفن دائما، وأن يوجد المنتج الفنان الذي نفتقده دائما، والذي حين يوجد، تنتج للبشرية أجمل الروائع.
http://www.alriyadh.com/1879382]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]