لقد وضعت الفلسفة العلمية الحديثة الدراسات والأبحاث في أولويات الحياة العقلية الناضجة فكلما زادت مكانة دولة ما في المجتمع الدولي توسعت في دراساتها وأبحاثها وعظم دورها ومكانتها العلمية في العالم..
مراكز الدراسات فكرة لازمت تفكيري منذ سنوات طويلة وأعيد طرحها اليوم.
ولا نظن أن أحداً لا يدرك الأهمية الكبيرة لمراكز الدراسات ومؤسسات البحث العلمي فالزمن الحالي هو زمن الدراسات والكشوفات الحديثة والأبحاث العلمية.
فالمجتمع الإنساني آخذ في التقدم يضيف كل يوم جديداً الى رصيده من العلم والمعرفة مكرساً عصراً حضارياً جديداً يقوم على المنهجيات العلمية والملكات العقلية والأساليب البحثية المتطورة ومن هنا كان حرصنا على مراكز الدراسات ومؤسسات البحث العلمي والتي ينظر لها كمقياس للرقي والتحضر.
وهذا حد أدنى من واجب الجامعات والمؤسسات العلمية.
فأقسام ومراكز الدراسات موضوع علمي كبير ومتداخل يسهم فيه علماء السياسة والاقتصاد والاجتماع والفلسفة والتاريخ والجغرافيا وعلم النفس كما يشارك فيه علماء الاستراتيجيات والاستشراف، وما من دولة في عالم اليوم إلا وهي مدفوعة الى الأخذ به.
إذ ليست مراكز الدراسات في الجامعات مجرد قاعات أكاديمية لدراسة التاريخ والجغرافية وإنما تتعدى هذا الدور إلى دراسة الدول دراسة دقيقة وعميقة وشاملة تصل في معظم حالاتها إلى العمق الاجتماعي والاقتصادي والحضاري والاستراتيجي وذلك عن طريق الأبحاث والدراسات الاستكشافية الجادة.
ولذلك تمثل مراكز الدراسات ركنًا أساسيًا في الرسالة الملقاة على عاتق المؤسسات العلمية ومن بينها الجامعات.
ولكن هل هنالك معوقات أكاديمية تجعل الجامعات لا تقدم على تلك الخطوة العلمية وهي تأسيس معاهد أو أقسام أو مراكز للدراسات الدولية أو القارية أو الإقليمية؟
فأقسام الدراسات صارت الآن جزءًا أساسيًا داخلًا في التكوين الأكاديمي الجامعي ولا تستطيع أي جامعة إلا أن تضع مراكز الدراسات في أولوياتها الأكاديمية.
فمراكز الدراسات تقليد جامعي قديم وعريق ومكون مهم من مكونات الحياة الأكاديمية فهي في دول الغرب الصناعي متسعة لأبعد الحدود وخصوصًا في الولايات المتحدة الأميركية.
واليوم نعيد مراكز الدراسات من جديد إلى الواجهة وبالذات في هذا الوقت الذي نأخذ فيه بأسباب التطور؛ فقد أحدثت الرؤية ظروفاً ملاءمة للنقلات النوعية وقدمت رؤية صادقة للحياة الفاعلة وأثرت تأثيراً فعالاً في الوعي المجتمعي وأحدثت تحولاً نوعياً في الأفكار والإرادات، وكانت قراراً واعياً أتاحت للحياة أن تتدفق بانسياب فالدراسات والأبحاث الأساس الذي يجب أن تقوم عليها حضارتنا وثقافتنا وإسهامنا في تقدم البشرية، كل هذه الأسباب تعتمد على الدراسات والأبحاث اعتمادًا كليًا مباشرًا.
والحديث عن الدراسات والأبحاث لا يمكن أن يظل حديثًا عن قائمة من المعلومات مخزونة بين جدران الجامعات والمكتبات أو عن مجموعة من الشهادات العلمية فحسب، صحيح أن كل هذه دلائل على أن للدراسات والأبحاث دورًا في حياتنا الحديثة ولكن الأهم من ذلك هو أن تصير الدراسات قيمة إبداعية وعندها نكون قد بلغنا مرحلة تأصيل العلم في حياتنا.
لقد وضعت الفلسفة العلمية الحديثة الدراسات والأبحاث في أولويات الحياة العقلية الناضجة فكلما زادت مكانة دولة ما في المجتمع الدولي توسعت في دراساتها وأبحاثها وعظم دورها ومكانتها العلمية في العالم. مما يوجب على الجامعات تفعيل مراكز الدراسات في إطار رؤية 2030، وذلك عن طريق:
إجراء الدراسات على الأصعدة الاستراتيجية والفكرية والاجتماعية والثقافية والحضارية.

إثراء المشهد العلمي والثقافي والفكري.

تقديم الأفكار والرؤى والتحليلات المنهجية والدعم المعلوماتي للهيئات والمؤسسات الرسمية.

التفاعل مع الأحداث والتطورات والمتغيرات الإقليمية والعالمية.

رصد وتدوين وتوثيق الأحداث الإقليمية والعالمية.

إجراء الدراسات على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية.

المشاركات العلمية وتبادل الخبرات مع مراكز وأقسام الدراسات والمؤسسات الفكرية في الجامعات والمعاهد العليا.

استقطاب النخب العلمية إقليميًا وعالميًا من مفكرين وباحثين وموسوعيين وأكاديميين.

نشر ثقافة الإبداع والابتكار وتنمية الحوار ما بين الثقافات والحضارات.

فلم يعد العالم في هذا العصر سهل الانعزال بل صار شبكة حية متداخلة.
على الجامعات أن تتخذ الخطوة الأولى في إيجاد مراكز للدراسات، فمراكز الدراسات الحلم الذي نتطلع إليه.




http://www.alriyadh.com/1881642]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]