فريق العمل من دون قيادة يفقد الهدف والاتجاه. أبرز وأهم مسؤوليات القيادي بناء فريق عمل يتوفر فيه الانتماء والإخلاص والحماسة والعمل من أجل أهداف الفريق؛ الأهداف هي محور عمل القيادي، فإذا سعى الفريق كمنظومة متناغمة لتحقيق الأهداف، فهذا الإنجاز شهادة نجاح للقيادة..
في مقال اليوم نتطرق لفن النقد من خلال مثال في مجال التدريب الرياضي.
لفت نظري موقف لمدرب فريق توتنهام. موقف يستحق النقاش من زاوية إدارية ونفسية وفنية.
خسر فريق توتنهام أمام فريق دينامو زغرب وودع بطولة الدوري الأوربي. مدرب توتنهام السيد مورينيو قال بعد المباراة: من المؤسف أن الفريق المقاتل الذي انتصر ولعب بهذه الروح ليس فريقي.
يقول مورينيو، ذهبت بعد المباراة لغرفة ملابس فريق دينامو زغرب وأشدت بهم.
المدرب مورينيو لم يسقط أسباب الخسارة على التحكيم ولا على ظروف خارجية لكنه انتقد أداء فريقه بشكل علني، وكان مما قاله: (فريقي لم يظهر ما يدل أنهم يلعبون مباراة مهمة، كل مباراة هي مباراة مهمة، لا أتحدث عن أساسيات كرة القدم بل عن مبادئ الحياة نفسها بأن علينا احترام وظائفنا وتقديم أفضل ما لدينا).
أمام هذا الأسلوب العلني المباشر في النقد من القيادي لفريق العمل تختلف الآراء.
رأي يقول: إن تعليق المدرب على الخسارة يفسر ما حققه من نجاحات سابقة، وإن المدرب الرياضي لا يقوم بدور فني فقط، هو قائد محفز يعطي أهمية وأولوية للإرادة والعمل الجماعي قبل الجوانب الفنية، وليس في أسلوب عمله مجال للمجاملات.
القيادي الناجح يعترف بالأخطاء ويعمل على عدم تكرارها. القيادي يعلم أنه لو أسقط أسباب الفشل على أسباب خارجية فكأنه في هذه الحالة يدافع عن فريق العمل ويبرر أخطاءهم وبالتالي سوف تتكرر الأخطاء ويتكرر الفشل.
المدرب الرياضي الناجح - حسب هذا الرأي - هو من تجتمع فيه القدرة الفنية والمهارات القيادية. إحدى المهارات القيادية أن يكون المدرب صديقاً للاعبين من دون أن يكون ذلك على حساب المهنية والجدية. الصداقة لا تعني التساهل عند حدوث الأداء الضعيف أو تكرار الأخطاء. ومن المهارات القيادية القدرة على التحفيز والدعم وإعطاء الثقة واتخاذ القرارات.
المدرب مورينيو ليس قيادياً مثالياً، له مواقف يحتج فيها على التحكيم، ويشاكس المدربين الآخرين. لديه ثقة إلى حد الغرور لكنه في النقد المشار إليه آنفاً اختار أن يبحث عن الخلل داخل الفريق، وهي أولى خطوات التصحيح سواء في المجال الرياضي أو غيرها من المجالات. أولى خطوات حل المشكلات هي خطوة الاعتراف بها. حين تبحث الإدارة في أي مجال عن أسباب خارجية لعدم نجاحها، فإن المشكلات مرشحة للاستمرار حتى مرحلة السقوط.
الرأي الآخر يقول: إن النقد الذاتي مطلوب ولكن ليس على طريقة مورينيو. هذه الطريقة حسب هذا الرأي هي مجرد رد فعل انفعالي قد يكون محاولة لتبرئة الذات وإلقاء كامل المسؤولية على فريق العمل.
وقد تتسبب هذه الطريقة في إحداث شرخ في العلاقة بين القيادي وفريق العمل، وهو ما حدث بالفعل حين قرر النادي إنهاء عقد المدرب بسبب سوء النتائج. والنتائج هي معيار قياس النجاح.
فريق العمل من دون قيادة يفقد الهدف والاتجاه. أبرز وأهم مسؤوليات القيادي بناء فريق عمل يتوفر فيه الانتماء والإخلاص والحماسة والعمل من أجل أهداف الفريق؛ الأهداف هي محور عمل القيادي، فإذا سعى الفريق كمنظومة متناغمة لتحقيق الأهداف فهذا الإنجاز شهادة نجاح للقيادة.
بشكل عام هناك فرق بين النقد والتقريع، وفرق بين الاتصال الأفقي والاتصال الرأسي الذي يأتي من أعلى إلى أسفل، وفرق بين النقد العلني وبين النقد غير المعلن. في كل الظروف يحتاج القائد إلى سماع رأي فريق العمل؛ لأن المشاركة ينتج عنها الالتزام والانتماء والشعور بالمسؤولية، وبالتالي يكون النجاح للجميع، والفشل مسؤولية الجميع.




http://www.alriyadh.com/1882012]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]