الرقمنة السعودية
ورؤية 2030 إنجازات وتحديات
عندما أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان العام 2016 رؤية المملكة الطموحة والمفترض منها أن تحقق مستهدفاتها بحلول 2030؛ كان كثير من الاستراتيجيين دولياً ومحلياً ينظرون بعين الشك حيال هذه الرؤية وذلك لما فيها من الطموح الكبير والذي يتعدى من وجهة نظرهم إمكانات السعودية حينها.
الآن وبعد خمس سنوات تحول هؤلاء الاستراتيجيون من شاطئ التشكيك إلى شاطئ الانبهار بتوالي تحقيق المستهدفات وصعود المملكة العربية السعودية في مؤشرات التصنيف العديدة والمحايدة.
لن أكتب هنا عن جميع تلك المجالات ولكن سأكتفي بمجال الرقمنة، حيث أنشئت وحدة التحول الرقمي كمركز امتياز في العام 2017 بأمر ملكي ولتكون الذراع التنفيذية للجنة الوطنية للتحول الرقمي، والتي تعمل كجهة مستقلة لتسريع التحول الرقمي في المملكة وتحقيق أهداف رؤية 2030 من خلال التوجيه الاستراتيجي وتقديم الخبرة والإشراف عبر التعاون المشترك مع القطاعين العام والخاص من أجل الارتقاء بمكانة المملكة لتكون بين مصاف الدول المتطورة رقمياً من خلال تنمية اقتصادية مستدامة تعتمد على تعزيز قيم ومفاهيم الابتكار والاستثمار في المواهب الشابة.
برز أثر هذا التوجه الاستراتيجي الإيجابي والمبكر بشكل جلي وواضح أثناء أزمة كورونا Covid-19 وما زال بارزاً من خلال التعاملات في المجالات الصحية والأمنية والتعليمية، ففي العام 2020 تم تقديم 69 مليون موعد عبر تطبيق موعد، وقدمت وزارة التعليم أكثر من 90 مليون فصل افتراضي لأكثر من 5 ملايين طالب وطالبة عبر منظومة التلعليم الموحد، وأما وزارة العدل فقامت بإصدار أكثر من مليون وكالة عبر بوابة ناجز، وفي المجال السياحي الواعد جداً تم إصدار أكثر من 400000 تأشيرة سياحية.
كل الأرقام والإنجازات التي ذكرتها آنفاً تمت حمايتها بخطة حكومية للسياسات الرقمية وسياسة تصنيف البيانات، هذا من الناحية التنظيمية والتشريعية وأما الناحية اللوجيستية فقد تم نشر أكثر من 12 ألف برج للجيل الخامس في جميع مناطق المملكة واستفاد أكثر من 14 مليون مواطن من مبادرة العطاء الرقمي لتنمية القدرات الرقمية في إطار مفهوم الاستثمار في الإنسان لتتيح الفرصة لأكثر من 179 ألف متطوع وأكثر من 2.6 مليون مستفيد تم تدريبه.
إن المتتبع لكل هذه المنجزات والتطور الرقمي في المملكة العربية السعودية لينبهر بما وصلنا إليه من مراكز وتصنيفات عالمية تتفوق في كثير من مجالاتها على بعض دول العالم المتقدم، ولكن أتمنى أن لا ينسينا هذا الانبهار مسائل مهمة جدا يجب أن نأخذها بعين الاعتبار ومنها:
أولاً توطين التقنية وخصوصا مع انتقال الشركات العالمية إلى المملكة قريبا بإذن الله تعالى وللاستفادة من هذا التموضع؛ فهذا التوطين التقني سيعزز أمننا المعلوماتي والاقتصادي بل والسياسي أيضا، بل سيجعلنا نفرض أجنداتنا المتزنة على الآخرين.
ثانياً يجب أن يصاحب كل ذلك تعزيز الاستراتيجية الحالية وزيادة أهدافها المرنة في التعاطي مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية يدعمها مكانة المملكة العربية والإسلامية والدولية، وأن نحاول بسياستنا المعهودة إنهاء وإغلاق الملفات السياسية العالقة مثل الملف اليمني والإيراني وذلك عبر تفاهمات مع اللاعب الصيني الجديد في المنطقة والذي ستعزز علاقاتنا الاقتصادية معه وأيضاً مشاريعه المرتبطة بمسارات طرق التجارة القديمة التي أسماها الجغرافي الألماني ريتشهوفن بطريق الحرير، أقول ستعزز الأمن والرخاء ولينطلق الشرق الأوسط إلى سباق تنموي يحقق رؤية سمو ولي العهد بأن يكون هذا الشرق المثخن بجراح الحروب والأزمات والثورات شرقاً مليئاً بفرص التنمية والتطور.
*مستشار التخطيط والتطوير الاستراتيجي




http://www.alriyadh.com/1882573]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]