في مجال الصحة العامة هناك أمراض تسمى الأمراض القاتلة الصامتة وبالمقابل في مجال السلوك البشري هناك أشخاص يقتلون الآخرين معنويا ولكن بصمت، إنهم المديرون الذين يتولون سلطة قيادة أي مؤسسة، وفي نفس الوقت لا يمتلكون المهارات والقدرات القيادية السلوكية والذكاء العاطفي ويعانون من بعض الاضطرابات السلوكية.
في تصنيف الشخصيات من حيث المهارات الاجتماعية هناك ما يسمى بالشخصية التوكيدية، وهو الشخص الذي يتمتع بثقة في نفسه ويواجه الآخرين ويحاورهم بأدب واحترام دون المساس بكرامتهم ونفسياتهم، ويقول ما يريد بشكل مباشر من دون لف ودوران، وعلى الضفة الأخرى هناك الشخصية السلبية أو غير التوكيدية وهذه الشخصية خائفة «لا تهش ولا تنش.. ومع الخيل يا شقراء»، ولكنه يعاني من القلق الدائم والخوف من الآخرين ويحاول أن يتجنبهم ويكره أو يتجنب المواجهات والحوارات ولا يستطيع أن يقول (لا) للآخرين، وهناك شخصية تجمع المتناقضات وهي الشخصية السلبية العدوانية التي نطلق عليها «ميه من تحت تبن»، وهذه أخطر الشخصيات وأكثرها أذى ويمكن أن توصف بالشخصية (السنيكي) أي الأفعى أو الثعبان هذه الشخصية لا تواجه وتحمل من الحقد والحسد الكثير ولكنها تطعن من الخلف فيضحك في وجهك، وعادة ما تكون ثقافته ضحلة ويعاني من نقص ما.. وهو بعيد كل البعد عن المهارات الاجتماعية الإيجابية التي ذكرتها سابقا في الشخصية التوكيدية.
اليوم المدير عندما يكون من تلك الشخصيات يعتبر كارثة على أي مؤسسة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نطلق عليه رجلا قياديا، وخاصة عندما يملك الصلاحيات ويكون جاهلا بالأنظمة والحقوق والقوانين الإدارية والقيم الاجتماعية وقد يدفعه جهله وصفاقته وشعوره بأنه في مأمن من المحاسبة إلى ارتكاب الكثير من الأخطاء والهدر المالي والمعنوي.. ولأنه غشيم وعنيد تنخفض لديه الكثير من المهارات الحوارية والأخذ والرد والنظر إلى الأمور من أبعاد مختلفة والتي عادة لا يجيدها.. ومع الوقت قد تتحول المؤسسة التي يديرها إلى مؤسسة غير مبادرة وتعيش حالة من التعطل وطرد الكفاءات.
اليوم قد نعايش ونعمل مع من يعانون من تلك المهارات وسمات الشخصية العدوانية السلبية في مؤسساتنا وهم من يعيق الإصلاح والتنمية كونهم يغردون خارج السرب بطريقة فيها تمحور حول الذات وأنانية تحد من نمو وتطور الآخرين، وقد يصعب كشفهم وقد نعرفهم من خلال ترويجهم لسياسات الخوف والتخويف وتجنب المبادرات بحجة ليش نجيب لأنفسنا الشغل والمشكلات وفتح الأبواب المغلقة.
أعتقد من السهل أن نقيم أداء وسلوك مثل أولئك المديرين عندما نضع وزنا كميا لطبيعة ونوعية إنتاجيتهم، وأيضا تحليلا لمضمون ومحتوى ما قدموه، وما تقدمه المؤسسات التي يرأسونها.
http://www.alriyadh.com/1884527]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]