فلسطين ذاكرة حية في عقولنا، أو هكذا يجب أن تظل، البلدات العتيقة والأزقة الممتلئة بالحياة التي تبثها الصور القديمة للبلدات الفلسطينية يجب أن تكون من ثقافة المستقبل في العالم العربي، يجب ألا تنسى وتنسى أسماؤها..
لا أستطيع أن أقول إلا أن فلسطين كانت قضية هذا العيد، القدس بكل ما تحمله من تأثير في النفوس والعقول مثلت الغصة التي أعادت الذاكرة بقوة وبكل تفاصيل المعاناة التي ارتبطت بها، المقاومة الشُجاعة لسكان حي الشيخ جراح المحيط بقبة الصخرة والمسجد الأقصى، والتناقضات في المواقف التي تتراوح بين دعم هذه المقاومة، والاصطياد في الماء العكر، والتهم التي توجه إلى الفلسطينيين بأنهم باعوا بيوتهم، مع أن الجميع يعلم أن القدس وقف أوقفه الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما تسلم مفاتيح القدس، فهذه المدينة التي تحظى بقداسة من الأديان السماوية الثلاثة كافة ستظل وقفا إسلاميا إلى أن تقوم الساعة. كنت أرى، ونحن في الأيام الأخيرة من شهر رمضان أن الخلافات الجانبية ليس هذا مكانها ووقتها، وإذا كان لدينا أي تحفظ على مواقف بعض الفلسطينيين، فيجب أن يكون موقفنا، كما هو موقف المملكة دائما، أن فلسطين والقدس هي قضيتنا وليس فقط الفلسطينيين، مع أهمية مناصرة أخوتنا في كل فلسطين، فهذا واجب يحتمه علينا ديننا وأخوتنا، كنت أردد في حزن....
لا تصرخي يا قدس فما من مجيب
لن يجدي بكاءُ ولا نحيب
لكِ الله يا زهرة المدائن
قد خذلك شقيق قبل غريب
لا تنتظري الأعراب فقد
شغلهم عن الأقصى أمر مهيب
لهو وجدال وتيه
وشجب واستنكار
وتشاغل مريب
لا تصرخي يا قدس
فدمك رخيص وسماؤك مباحة
دون حسيب
(29 رمضان)
لا أستطيع أن أقول إلا أن العيد كان عيدا مقدسيا، بكل جراحه وآهاته ومشاهده التي تدمي القلوب. ليس باليد حيلة إلا الدعاء، فشعب أعزل يواجه جيشا من أكثر الجيوش تسلحا وأكثرها وحشية ونازية. في تلك الأثناء كنت أقرأ كتاب "أرض جوفاء: الهندسة المعمارية للاحتلال الإسرائيلي" للكاتب اليهودي "أيال وايزمان" تناول فيه سياسة الفصل العنصري الاستيطانية والخطط الإسرائيلية البعيدة المدى لاغتصاب الأراضي الفلسطينية، وكيف تحقق دولة العدو هذه السياسة، ومحاولتها الدؤوبة لتفكيك البنية المجتمعية الفلسطينية من خلال هذا الاستيطان الجائر، من يقرأ هذا الكتاب المهم والمنصف لا بد أن تصدمه هذه الحقائق التي لا يحرك العالم ساكنا أمامها. فلسطين في مواجهة عدو غاشم لا يرحم، يملك القوة و"النفير"، وتدعمه دول كبرى تتشدق بالعدالة ولا تعمل على تحقيقها.
الأقصى يستغيث
والعرب في عيد تهني
والأطفال تقتل
والمسارح تفرح وتغني
والنساء تغتصب
والغضب في سبات يغفو
القدس تحترق
ولا أحد للقدس يمشي
وفلسطين تستباح
والكل بين قيل وقال وتمني
ليل معتم طويل
وكرامة مهدورة
حتى دعاءنا
تتوقف الكلمات في حلوقنا
عندما نريد أن ندعو
(ثاني أيام العيد)
فلسطين ذاكرة حية في عقولنا، أو هكذا يجب أن تظل، البلدات العتيقة والأزقة الممتلئة بالحياة التي تبثها الصور القديمة للبلدات الفلسطينية يجب أن تكون من ثقافة المستقبل في العالم العربي، يجب ألا تنسى وتنسى أسماؤها، ويجب أن نعلم أبناءنا أن هذه البلدات الجريحة هي بلداتنا، هناك نشأ الفلسطينيون ومن هناك اكتسبوا هوياتهم. يجب ألا تغيب هذه الذاكرة عنا لحظة واحدة فهي المتبقية لنا، حتى يغير الله حالنا. نحن مؤمنون بأن الأيام دول، وأن فلسطين ستعود في يوم ما. لا أتحدث هنا بعاطفة بقدر ما أتحدث عن إيمان كامل بأننا على حق ومع الحق، المحافظة على ذاكرة المكان الفلسطيني يجب أن تكون هدفا تعليميا استراتيجيا، ويجب أن تقوم مدارس العمارة العربية بتطوير منهج تعليمي يدرس هذه الذاكرة ويوثقها ويستعيدها في كل مناسبة، يجب ألا يبعدنا ضعف الحال عن العمل قدر المستطاع لإبقاء قضية فلسطين حية في عقولنا وقلوبنا وعقول أبنائنا.
خطوط داكنة محفورة
بين عقلي وقلبي
ترسم خارطة ألم
فلسطينية
تولد عند النهر
تسيل أوجاعها بمحاذاة البحر
يلونها الأقصى بألوان حمراء
سحرية
تسري أوجاعها بين الأزقة
كل ليلة
بين غزة وعكا
وتناجيها الخليل
في غربة
كأنها فتاة غجرية
تبكيها الخليل في حرقة
تحكي لها حكاية بلدات
بقاياها عربية
(4 شوال)
كلنا مع غزة في جهادها ضد العدو الغاشم، كلنا مع أطفال ونساء وشباب ورجال غزة الأبطال، بصرف النظر عن أي تحزبات، هذا وقت يظهر فيه معنى الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقي الجسد بالحمى والسهر، إنها جزء من أكناف بيت المقدس التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لا يضرهم من خالفهم ومن خذلهم، فهم بإذن الله منصورون. مقاومة غزة هي التي تبعث فينا الأمل وتجعل من قضية فلسطين حية في قلوبنا، ما يحدث الآن في غزة هو عمل بطولي رغم فداحة التضحيات، إنه ضمن سلسلة الدروس التي ينشأ عليها أبناء الفلسطينيين، فهم لا يهابون الموت لأنهم يعلمون أنهم يدافعون عن الحق والعدالة، وما علينا نحن إلا أن ننصرهم ولو بالدعاء.




http://www.alriyadh.com/1886625]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]